ـ(359)ـ أما في النظام الإسلامي، فإن ارتباط الحاكمية بالله تعالى وكونها امتداداً ربانياً إلى الرسول وصولاً إلى رئيس الدولة الإسلامية(الولي الفقيه)، هو من الثوابت التي استنبطها الفقهاء من الأصول الإسلامية المقدسة(القرآن الكريم والسنة الشريفة). وإذا دققنا في طبيعة نظرية الحق الإلهي المباشر، أي النوع الأول من الثيوقراطية المنسوبة إلى المسيحية، فسنجد ان موضوع السيادة الذي تدعيه، والمتمثل بالنصب المباشر للحاكم من قبل الله تعالى لا يلتقي مع كل رئيس للدولة الإسلامية، بل ان فيه خيوط عامة تلتقي مع طبيعة حاكمية الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم وأئمة المسلمين عليه السلام. في حين تعطي الثيوقراطية هذا الحق(أي النصب المباشر) لحكامها البشر. أما نظرية الحق الإلهي غير المباشر، المتمثلة في النصب غير المباشر للحاكم، أي ان الحاكم كيفما تم نصبه، فإنه هذا النصب هو في حدود إرادة الله تعالى ورعايته ورقابته. وهذه النظرية وان كانت تلتقي في النتائج مع طبيعة السيادة في النظام الإسلامي ـ برئاسة الفقيه دون الرسول أو الإمام ـ، على اعتبار ان المصدر النهائي لشرعية الحاكم هو الله سبحانه وتعالى. بيد ان الاختلاف يكمن في ان شرعية الولي الفقيه مستمدة في النظام الإسلامي من كونه نائباً للإمام المعصوم. أي ان العملية هي متسلسلة موضوعياً وامتدادات مترابطة، تدعمها النصوص المقدسة. أما الحاكم الثيوقراطي فهو يتسبب إلى الله مباشرة، دون أي قنوات أو امتدادات أو مسوغات شرعية. والاختلاف الآخر في موضوع السيادة، هو ان الحاكم في النظام الثيوقراطي مطلق وغير مسؤول وفوق القانون. في حين ان الحاكم(وليس الدولة) في النظام الإسلامي خاضع للشريعة الإسلامية وأحكامها وثوابتها، كما أنه مسؤول، ويتساوى مع كل فرد من أفراد الشعب أمام القانون(69). 2 ـ آليات التطبيق: آليات استخدام السلطة في الأنظمة الثيوقراطية، بكل أنواعها، تتجسد في شخص