ـ(355)ـ وصلاحياته، ولم تتدخل رغبة البشر وإرادته في ذلك، بل أن دور الإنسان هنا هو عملية اكتشاف هذا الموقع واستنباط مواصفاته وصلاحياته من الأصول الإسلامية المقدسة، وفي النتيجة تقنينها دستورياً وكان الإمام الخميني أبرز الفقهاء المعاصرين الذين بلوروا كل ما يتعلق بهذا الموقع وبنى النظرية السياسية الإسلامية عليه. يقول الإمام الخميني بأن "الشروط التي ينبغي توفرها في الحاكم نابعة من طبيعة الحكومة الإسلامية"(56) ويذكر شرطين مهمين لهذا الحاكم، وهما: العلم بالقانون الإسلامي، أي يكون فقيها في الشريعة الإسلامية، والعدالة، ويعتبرهما من أهم أركان الإمامة(57). ومساحة ولاية هذا الفقيه العادل الذي نهض بأمر الحكومة الإسلامية، في أمور المجتمع، هي مساحة ولاية النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم نفسها، فهو يملك "من أمر الإدارة والرعاية والسياسة للناس ما كان يملكه الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام"(58) ويؤكد دستور الجمهورية الإسلامية موضوعي الشروط(59) والمساحة والصلاحيات نفسها(60). أما كيفية تولي الفقيه لرئاسة الدولة، فهي تختلف عن النظام الديمقراطي على المستوى النظري لأن انتخاب رئيس الدولة الديمقراطية من قبل الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر هو الذي يعطيه حق ممارسة السلطة في حين ان العملية تختلف على مستوى رئيس الدولة الإسلامية. فأبرز نظريتين في اختيار الولي الفقيه هما: 1 ـ الفقيه المنصوب، الذي تصدى بنفسه للأمر وأنشأ الحكومة، وكان فقيها عادلا، فهو هنا واجب الطاعة ولا دور للأُمة في تعيينه، لأن معين ـ أساساً ـ تعييناً نوعياً من قبل الإمام المعصوم عليه السلام على اعتباران الفقيه هو امتداد رشيد للنبي والإمام(6). 2 ـ الفقيه المنتخب، أي الذي تنتخبه، انتخاباً مباشراً أو غير مباشر(62). والاختلاف هنا نظري محظ، ويكمن في دور انتخاب الأمة، أو البيعة، هل هي أساس شرعية الفقيه في ممارسة السلطة، أم ان الانتخاب هو عملية كشف ـ عند تعدد الفقهاء ـ تعلن فيه الأمة عن طاعتها. ولكن لا فرق بين النظريتين في النتائج، لأن الفقيه