ـ(226)ـ إليها، ولا أنهاكم عن معصية إلاّ وأتناهى قبلكم عنها)(1). وفي أوائل الدعوة الإسلامية رسم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم المنهج المفروض على الحاكم للقيام بأعبائه، فاهتمّ بتعليم المسلمين الكتابة، وجعل فداء كل أسير من أسرى بدر ممّن يحسنون القراءة والكتابة أن يعلم عشرة من الصحابة وأبنائهم القراءة والكتابة، وثبت عنه صلّى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بعض الصحابة أن يتعلموا اللغة السريانية والعبرية والفارسية والرومية والقبطية والحبشية ليتولّوا أعمال الترجمة(2)، ولـمّا افتتح خيبر كان بين الأسرى ثلاثين حدّاداً، فقال صلّى الله عليه وآله وسلم:(اتركوهم بين المسلمين ينتفعون بصناعتهم). وكان صلّى الله عليه وآله وسلم يرسل إلى خارج المدينة بعض الصحابة ليعلّموا القبائل الكتابة والقرآن والسنّة، والفراض والأحكام الشرعية. وكان المسجد بمثابة المدرسة والجامعة التي يتعلم بها المسلمون جميع ما يتعلق بشؤون العقيدة والشريعة، وكان الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم يتدرج مع المسلمين في التعليم والتربية، وتغييرهم بالإسلام، وكان كثير النصح والإرشاد لأصحابه لا يترك مناسبة إلاّ استثمرها في تحقيق الهدف التعليمي والتربوي. وبعد تطور وسائل الحياة كانت الحاجة إلى التعليم والتربية ضرورية ويجب على الحاكم أن ينفّذ ما عليه من مسؤولية بتأسيس الجامعات والمدارس الشاملة لجميع الاختصاصات، وفي ظل الجمهورية الإسلامية نشطت الحركة العلميّة في الجامعة والحوزة الدينية، واهتمت القيادة الإسلامية اهتماماً كبيراً في شؤون التربية وتقييم أصحاب الاختصاصات والمبدعين، وفي ما يتعلق بدراسة العلوم الدينية كان التشجيع قائماً بتوفير جميع مستلزمات الدراسة، وتخصيص رواتب للطلبة، وشمولهم بالضمان الاجتماعي وتوفير السكن وجميع مستلزمات العيش الضرورية. ___________________________ 1ـ نهج البلاغة 175. 2ـ الحاوي الكبير 20: 82ـ 83، الماوردي دار الفكر بيروت 1414 هـ.