ـ(199)ـ يختار الرأي الأصوب منها ثم يعزم على ما يريد، ووقع الاختلاف بين الفقهاء هل نتائج الشورى ملزمة للحاكم بالأخذ بها أو ببعضها أم غير ملزمة، فالشيعة متفقون على عدم إلزامها، أما السنة فاختلفوا في إلزامها فذهب ابن عطية المالكي، والجصاص الحنفي، وابن تيمية الحنبلي، والقرطبي المالكي، وحسن البنا، ومحمد سعيد البوطي، إلى عدم لزومها، فالحاكم هو الذي يقرر الرأي النهائي سواء كان مطابقاً لأحد الآراء أو مطابقاً لرأيه(1). وذهب بعض المتأخرين إلى ان الشورى ملزمة ويجب على الحاكم الإسلامي الالتزام بنتائـج الشورى، وهي آراء محمود شلتوت وعبد الكريم زيدان، ومحمد عبده، واحمد مصطفى المراغي(2). وعدم الإلزام دلت عليه السيرة النبوية وسيرة الإمام عليّ عليه السلام وسيرة الخلفاء الراشدين كما تقدّم فكانوا يستشيرون ثم يتخذون الموقف الحاسم، المطابق لأحد الآراء أو المطابق لرأيهم فقط، والعقل يحكم بذلك فالحاكم الإسلامي هو الذي يحسم الموقف وان لم يتقيّد برأي من الآراء ان وجد المصلحة كامنة في رأيه، لان الشورى قد تؤدي أحياناً إلى الفوضى والاضطراب وانفلات الأمور وخصوصاً ان التزام الحاكم برأي البعض دون البعض فالحسم موكول إليه في النهاية. وفي عصرنا الحاضر ومن خلال التجربة العملية للجمهورية الإسلامية في إيران الذي وضع دستورها عدد من كبار الفقهاء والمفكرين وأصحاب الاختصاص نجد ان الحاكم الأعلى وهو الإمام الخميني t أو الخامنئي هو الذي يحسم الأمر النهائي وان كان مخالفاً أحياناً لرأي الأكثرية ان وجد المصلحة في ذلك. ___________________________ 1ـ المحرر الوجيز 3: 399، أحكام القرآن 2: 41، السياسة الشرعية 170، الجامع لأحكام القرآن 4: 254، مواقف في الدعوة 156، فقه السيرة 324. 2ـ الإسلام عقيدة وشريعة 462، الفرد والدولة في الشريعة الإسلامية 47، تفسير المنار 4: 199، تفسير المراغي 4: 113.