ـ(198)ـ الحكّام المسلمين في كل زمان ومكان، والذي يهمنا في الموضوع هو ما يتعلق بالحاكم غير المعصوم هل تجب الشورى عليه؟ والصحيح هو وجوب الشورى، وقد دلت على ذلك الوجوب دلائل وشواهد عديدة، منها تأكيد القرآن الكريم على الشورى وتأكيد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم عليها حتى في الأمور الشخصية بين فردين، والسيرة قائمة على الشورى سواء كانت سيرة نبوية أو سيرة الحكام المسلمين والأولوية تدل على وجوبها على غير المعصوم من الحكام، فالنووي(ت: 676 هـ) يقول:( واختلف أصحابنا هل كانت الشورى واجبة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أم كانت سنة في حقه... والصحيح عندهم وجوبها وهو المختار)(1). وبما ان الحاكم غير المعصوم لا يستطيع بمفرده الوصول إلى الرأي الأصوب الموقف الأصوب في كثير من الأحيان فتجب عليه الشورى لتأمينه من الخطأ والانزلاق، إضافة إلى ما تقدّم من أحاديث حول فائدة الشورى كلها تدل على وجوبها على غير المعصوم، ووجوب الشورى على الحاكم الإسلامي محل اتفاق الفقهاء والعلماء من جميع المذاهب(2). حتى جعلها ابن عطية(ت: 546 هـ) من أهم واجبات الحاكم: (والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب هذا ما لا خلاف فيه)(3). هل الشورى ملزمة للحاكم الإسلامي؟ بعد الاستشارة يتفحص الحاكم آراء أتباعه من أهل الرأي والعلم أو آراء الأُمة ثم ___________________________ 1ـ شرح صحيح مسلم 4: 46، النووي. 2ـ المفيد، الطوسي، الطبرسي، ابن عطية، أبو بكر الجصاص، ابن تيمية، حسن البنا، المودودي، الشهيد الصدر. 3ـ المحرر الوجيز 3: 397.