ـ(193)ـ وفي عهد عليّ عليه السلام كانت الشورى قائمة، ففي بداية البيعة أشار عليه المغيرة بن شعبة بإبقاء معاوية على الشام، ولكنه لم يستجب لـه(1). لان من أسباب الثورة على عثمان هو تولية معاوية على الشام فإبقائه خلافاً لرأي الأغلبية من الأُمة وخلافاً لمطاليبهم، وأشار عليه بعض أصحابه بتفضيل الأشراف في العطاء وتقديمهم على غيرهم فرفض الالتزام بتلك المشورة(2) لأنه يرى ان التوزيع يجب أن يكون متساوياً كما كان في عهد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم، وكان يستشير في تعيين العمال والأمراء وقادة الجيش، واستشار أصحابه في التوجه إلى الشام فأجابه الاشتر:(يا أمير المؤمنين إنّما لنا أن نقول قبل أن تقول فإذا عزمت فلم نقل، فلو سرت بنا إلى الشام بهذا الحدّ والجدّ لم يلقوك بمثله...)(3). وحينما بعث جرير إلى معاوية وأبطأ عليه أشار البعض عليه بالمقام بالكوفة، وأشار البعض الآخر عليه بالتوجه إلى الشام، ولكنه وضع لهم حداً وسطاً وقال:(ان استعدادي لحرب أهل الشام وجرير عندهم إغلاق للشام، وصرف لأهله عن خير إن أرادوه، ولكني قد وقت لـه وقتاً لا يقيم بعده إلاّ أن يكون مخدوعاً أو عاصياً، ولا أكره لكم الأعداء)(4). ومن المعروف والمشهور عنه انه كان لا يستشير في أمور القضاء، فلم يحدثنا التاريخ انه استشار أحداً في هذا المجال وكان عليه السلام حينما يستشير قد يأخذ بآراء البعض قد ينفرد برأيه إن كان هو الأصلح، وكان رأيه في الشورى يظهر من قولـه لعبد الله بن عباس:(لك أن تشير عليّ وأرى فإذا عصيتك فأطعني)(5). ___________________________ 1ـ تاريخ اليعقوبي 2: 180. 2ـ شرح نهج البلاغة 2: 197. 3ـ الإمامة والسياسة 1: 89. 4ـ الإمامة والسياسة 1: 89. 5ـ نهج البلاغة 531.