ـ(191)ـ واستشار الصحابة في امرأة دعاها عمر لما بلغه عنها أمر مريب فارتاعت وسقط جنينها فقال الصحابة: ما نرى عليك شيئاً فقال عليّ عليه السلام:(أما المأثم فأرجوا أن يكون محطوطاً عنك وأرى عليك الدية)(1). وذكر الطبري عدة روايات استعان بها عمر بعليّ في شؤون القضاء وكان عليّ يتدخل ابتداءً دون استشارة ليغير الحكم الذي حكم به عمر ويمضي عمر ما حكم به عليّ(2). واستشار عمر الصحابة في ما يتعلق بأسلوب تداول الثروة وكان يختار رأي عليّ من بين الآراء، فاستشارهم في حقه في بيت المال فقال الصحابة:(القول قول ابن أبي طالب)(3). وشاور في سواد الكوفة فأشار عليه عليّ أن يقرّ الأراضي في أيدي أصحابها لتكون للمسلمين في هذا العصر والعصور التي تليه فقال عمر:(وفقك الله هذا الرأي)(4). وحينما أراد كتابة التاريخ استشار الصحابة فقدموا وأخروا، ولكنه ترك أقوالهم وأخذ برأيّ عليّ من أن يكتب من يوم الهجرة إلى المدينة(5). واختار في أغلب استشاراته رأي عليّ لأنه الأعلم بالكتاب والسنة كما هو الظاهر من الروايات المستفيضة عن رسول الله في كتب الفريقين، ومع كثرة استشارة عمر إلاّ انه انفرد في بعض القرارات والمواقف برأيه ولم يلتفت إلى آراء الصحابة وعلى سبيل المثال أنه أبقى رؤوس الصحابة في المدينة ولم يسمح لهم بالخروج منها إلى باقي الأمصار أو الاشتراك في الغزوات وقال:(ها أني ممسك بباب هذا الشعب أن يتفرق أصحاب محمد في ___________________________ 1ـ اعلام الموقعين 1: 215، ابن قيم الجوزية، دار الجيل، ببيروت. 2 ـ ذخائر العقبى 81 ـ 82. 3 ـ تاريخ الطبري 2: 453، المنتظم 4: 197. 4 ـ تاريخ اليعقوبي 2: 151 ـ 152. 5ـ تاريخ المدينة المنورة 2: 758، الكامل في التاريخ، 2: 526.