ـ(190)ـ وكان أبو بكر ينفرد برأيه أحياناً ولا يلتفت إلى آراء الصحابة، فانفرد بقتال مانعي الزكاة، ولم يلتفت إلى رأي عمر بن الخطاب وبعض الصحابة في عزل خالد بن الوليد بعد قتله لمالك بن نويرة(1). وكان عمر بن الخطاب كثير الاستشارة وكان يستشير مختلف الطبقات من الصحابة وغيرهم، فكان يستشير كبار الصحابة الذين استشارهم أبو بكر(2). (وكان إذا نزل به الأمر المفصل دعا الفتيات فاستشارهم يبتغي حدة عقولهم)(3). وكان يستشير حتى النساء خصوصاً ابنته حفصة(4). وفي مختلف الغزوات كان يستشير أهل الخبرة العسكرية وخصوصاً علي بن أبي طالب عليه السلام فاستشاره في الخروج بنفسه إلى غزو الروم، فأشار عليّ عليه السلام بالبقاء في المدينة وأن يرسل قائداً شجاعاً بدلاً عنه وقال:(فان أظهرك الله فذاك ما تحب، وان تكن الأخرى كنت ردءاً للناس ومثابة للمسلمين)(5). وفي غزوة نهاوند أشار عليه بالبقاء في المدينة وإبقاء أهل الشام واليمن في بلدانهم خوفاً من هجوم الروم والحبشة عليهم من الخلف، وان يستعين بثلث أهل البصرة وثلث أهل الكوفة، فأخذ عمر برأي علىّ ونفذّ ما أشار عليه(6). وكان يستشير علياً عليه السلام في شؤون القضاء، فاستشاره في عقوبة شارب الخمر فقال:(أرى أن تجلده ثمانين، فانه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى) فجلد في الخمر ثمانين(7). ___________________________ 1ـ تاريخ اليعقوبي 2: 131ـ 132. 2ـ كنز العمال 5: 627. 3ـ السنن الكبرى 10: 113. 4ـ تاريخ عمر بن الخطاب، ص 101، ابن الجوزي، دمشق، ط 2. 5ـ نهج البلاغة 192، تحقيق صبحي الصالح، تاريخ الطبري 2: 449. 6ـ المنتظم 4: 273، ابن الجوزي، دار الكتب العلمية 1412، ط 1. 7ـ تاريخ المدينة المنورة، 2: 732، ابن شبه النميري، مكة المكرمة، 1399 هـ.