ـ(186)ـ (أمر من الله تعالى لنبيه أن يشاور أصحابه)(1). وسيأتي الحديث عن وجوب الشورى أم استحبابها من الآية الشريفة والآية الثالثة قولـه تعالى: ?وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ?(2). والآية الكريمة جاءت في سياق إبراز صفات المؤمنين الممدوحة وجاءت الشورى مقرونة بسائر الصفات بالصلاة والأنفاق. والشورى في الآيات الثلاثة كانت ممدوحة من قبل الله تعالى، ابتداءً من الأسرة كأصغر وحدة اجتماعية، ومروراً بالعلاقة بين الحاكم الإسلامي وأصحابه ورعيته وانتهاءً بعلاقات المؤمنين فيما بينهم والخصائص المميزة لهم. الشورى في السنة: عن عبد الله بن عباس قال: لما نزلت "وشاورهم في الأمر" قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: "أما ان الله ورسوله لغنيان عنها ولكن جعلها الله رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غيّاً"(3). فرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قد استغنى عن الشورى بالوحي الذي يرشده إلى اختيار الرأي الأصوب والموقف الأصوب، ومع ذلك أمره الله تعالى بالشورى وكان صلّى الله عليه وآله وسلم كثير الاستشارة لأصحابه، فاستشار أصحابه وخصوصاً الأنصار ليعلم استعدادهم للقتال خارج المدينة، بعد أن بايعوه على نصرته مادام معهم داخل المدينة فأعلنوا عن استعدادهم للقتال، ___________________________ 1ـ التبيان للطوسي 3: 31. 2ـ سورة الشورى: 38. 3ـ الدر المنثور 2: 90، السيوطي، دار المعرفة، بيروت، 1979.