ـ(185)ـ ليلة هجرته(1) ولولا الشورى لما توصلوا إلى مثل هذا الرأي الذي يضيع فيه دمه، ولا يطالب به أحد لاجتماع القبائل جميعها على قتله فالشورى أمر ضروري في التخطيط والتنفيذ، ولم يستغن عنه أحد من الأفراد والمجتمعات إلاّ من كان مرتبطاً بالله تعالى الذي يسدد أنبياءه عن طريق الوحي المتواصل، ومع ذلك كان الأنبياء يستشيرون ويشركون أممهم في كثير من القرارات والمواقف قبل اتخاذها. الشورى في القرآن الكريم: وردت الشورى في القرآن الكريم في ثلاث آيات: اختصت الأولى بشؤون الأسرة وكيفية إرضاع الطفل، قال تعالى: ?وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لـه رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لـه بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ?(2). ودعت الآية الشريفة الأبوين للتشاور بينهما لاتخاذ القرار النهائي المشترك بعد تبادل الآراء. والآية الثانية: كان خطاباً للرسول صلّى الله عليه وآله وسلم تحدد لـه أسلوب التعامل مع أصحابه، قال تعالى:?فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ?(3). وفي تفسير الشيخ الطوسي t للآية يقول: ___________________________ 1ـ تاريخ الطبري، الكامل في التاريخ، تاريخ اليعقوبي، الدرّ المنثور. 2ـ سورة البقرة: 233. 3ـ سورة آل عمران: 159.