ـ(184)ـ الشورى الفقهية والتاريخية، والاستفادة من التطبيق العملي لها في عهد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم وعهد الخلفاء الراشدين وعهد الجمهورية الإسلامية لتضع بعض الأسس التي تتعلق بالشورى، والتي تجسدت من خلال التطبيق أروع مظاهر السماح للأُمة بأداء دورها وتلاحمها مع حكامها لإدامة المسيرة التي وضع أسسها النبي الأكرم محمد صلّى الله عليه وآله وسلم. الشورى قبل الإسلام: إنّ المتتبع لأخبار الماضين وقصصهم من القرآن الكريم ومن أحاديث الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم يجد أن الشورى كان معمولاً بها من قبل الأنبياء والصالحين ومن قبل الطالحين الذين وقفوا في ساحات المواجهة مع أنبيائهم، فلم يستغن عنها أحد حتى الطغاة والفراعنة، فإبراهيم عليه السلام شاور ابنه في بناء الكعبة لاختيار أفضل الطرق في تشييدها، وشاوره في قضية الذبح ليعلم قدرته على التنفيذ، وكان موسى عليه السلام يشاور هارون وبعض أصحابه،تشاور رهط من قوم ثمود للتآمر على النبي صالح عليه السلام وحتى فرعون الذي ادّعى انه الرب الأعلى كان يستشير بطانته في أغلب شؤونه ومنها مشاورته لهم في شأن موسى عليه السلام ومشاورت ملكة سبأ قومها بشأن رسالة سليمان عليه السلام، وتشاور أخوة يوسف في شأنه، وفي اختيار الجواب المقنع لأبيهم، وكان عرب الجاهلية يشاور بعضهم بعضاً، وكان حلف الفضول قد جسدّ الشورى بكل مفاهيمها،حينما صدع الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بإعلان الدعوة وأحست قريش بالخطر المحدق بكيانها وبمصالحها تشاورت في كيفية المواجهة اتخذت مواقف عديدة بعد الاستشارة، ابتداء ً بتوجيه التهم والإشاعات، ثم الأغراء والترغيب بالأموال والجاه والسلطان، ثم التعذيب والأذى والمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية، وآخر ما توصلت إليه بعد اجتماع لكبار الشخصيات في حوار طويل هو الأقدام على قتل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم في