4 ـ إنّ حرية الفكر حق للجميع، والاجتهاد حق لمن تأهل لـه، لكن هل يصح أن يتمتع دعاة الفتنة بهذا الحق، فلا يقف أحد بوجه دعوتهم أو يستنكر عليهم ذلك بما يمتلك من أساليب الاستنكار؟ وإذا كانت مواجهتهم والاستنكار عليهم مطلوبة، فهل من سبيل إلى تنظيم هذه المواجهة؟ فلعل تنظيم هذه المواجهة ـ إنّ صحت ـ سيكون لمسة من لمسات التقريب واثراً من آثاره. إنّ الخطر الكبير الذي يواجه المسلمين اليوم من الداخل هو هذه الدعوات الشيطانية إلى تأجيج النزاع الطائفي خدمة لاعداء الإسلام الّذين تكالبوا على الإسلام والمسلمين وبالخصوص في السنوات الأخيرة وبعد انهيار التوازن الدولي وبدلاً من أن يتوجه المسلمون نحو تنظيم قواهم وتوحيد صفوفهم أمام هذا العدوان المتواصل ـ وهم قادرون على ذلك لو أرادوا ـ ترى هذه الدعوات التمزيقية تتصاعد وتشتد مع تأزم أوضاع المسلمين وازدياد حاجتهم إلى التآلف. ولما كانت الصحوة الإسلاميّة وجهاً لامعاً من وجوه الأمل، وعلامةً كبرى على حياة المسلمين وقوة الإسلام، ولا سيما بعد تحسين قوى الصحوة الإسلاميّة في مختلف البلدان روابطها مع الثورة الإسلاميّة في إيران حين رأت فيها ناصراً ومعيناً ومؤازراً، ولما كانت إيران بلداً شيعياً، كان لزاماً على دعاة التمزيق أن يضربوا على هذا الوتر، فبالغوا كثيراً في هذه الأعوام الأخيرة بالتهجم على الشيعة والتشيع. والذي نرجو أن يكون واضحاً هو أن هدفهم الأول ليس الشيعة والتشيع، وإنّما هدفهم تلك الصحوة الإسلاميّة الفتية أولاً؛ ولربما رأوا أنهم بهذا قد أصابوا طائرين بحجر ! والذي يؤكد ما ذهبنا إليه أنهم حين اعتمدوا تراث ابن تيمية مادة لحملتهم هذه