الداعين من الشيعة إلى التهجم على السنة يحتجون أيضاً بأقوال الغلاة من السنة ـ يريد بهم النواصب ـ لهذا يبدو أن الغلاة من الطرفين يشكلون فريقاً واحداً يصح فيه تسمية «الفريق الثالث» مهمته ضرب الإسلام وتمزيق المسلمين»(1). والحق أن هذه الصورة تمثل النصف فقط من الصورة الكاملة للأثر الذي تركه هذا الفريق الثالث وأما نصفها الثاني: فيتمثل بتأثر كلّ فريق بأحاديث غلاته المنتسبين إليه في تصوره للفريق الآخر. فالشيعي قد ينظر إلى بعض المفاهيم التي تتصل بأهل السنة من خلال مجمل التراث الشيعي الذي امتزجت فيه أحاديث الغلاة وعقائدهم . وليس أدل على ذلك من سبب بعض الصحابة الذي يجري على ألسنة العوام وليس لـه مصدر قطعاً إلاّ أحاديث الغلاة (2). والسني قد ينظر إلى بعض المفاهيم التي تتصل بالشيعة والتشيع من خلال مجمل التراث السني الذي امتزجت فيه أحاديث النواصب وعقائدهم، وليس أدل على ذلك من جهل عامتهم بمنزلة أهل البيت وتفضيل آخرين عليهم ممن هم أدنى منهم كثيراً، علماً وديناً وفضلا وكرامة، حتّى أن منهم من يضيق ذرعاً لذكر أهل البيت ـ عليهم السلام ـ مع كثرة ما يقرؤه من آيات كريمة وأحاديث صحيحة في منزلتهم الخاصة عند الله ورسوله، وهكذا اصبح الصحابة وأهل البيت وكأنهما محوران متضادان لعقيدتين لا يمكن أن تلتقيا في يوم ما. وباجتماع هذين الشطرين تكتمل الصورة الحقيقية لأثر الغلاة والنواصب في عقائد المسلمين ورؤاهم.