[ 183 ] وطيالسنا وقلانسنا ورجعنا. فلما استقر بنا المجلس قال - المأمون -: إنما بعثت اليكم معشر القوم في المناظرة، فمن كان به شئ من الاخبثين (1) لم ينتفع بنفسه ولم يفقه ما يقول: فمن أراد منكم الخلاء فهناك، وأشار بيده، فدعونا له. ثم ألقى مسالة من الفقه، فقال: يا أبا محمد، قل وليقل القوم من بعدك. فاجابه يحيى، ثم الذي يلي يحيى، ثم الذي يليه، حتى أجاب آخرنا في العلة وعلة العلة، وهو مطرق لا يتكلم. حتى إذا انقطع الكلام التفت الى يحيى فقال: يا أبا محمد، أصبت الجواب وتركت الصواب في العلة. ثم لم يزل يرد على كل واحد منا مقالته ويخطئ بعضنا ويصوب بعضنا حتى أتى على آخرنا. ثم قال: إني لم أبعث فيكم لهذا، ولكنني أحببت أن أنبئكم أن أمير المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه الذي هو عليه، ودينه الذي يدين الله به. قلنا: فليفعل أمير المؤمنين وفقه الله. فقال: إن أمير المؤمنين يدين الله على أن علي بن أبي طالب خير خلق الله بعد رسوله صلى الله عليه واله، وأولى الناس بالخلافة. قال إسحاق: قلت: يا أمير المؤمنين، إن فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في علي، وقد دعانا أمير المؤمنين للمناظرة. فقال - المأمون -: يا إسحاق، اختر إن شئت أن أسالك وإن شئت أن تسال. قال إسحاق: فاغتنمتها منه، فقلت: بل أسالك يا أمير المؤمنين. قال: سل. ________________________________________ (1) الاخبثان: البول والغائط. وفي بعض الاصول: " الخبيثين ". وفي ن: " الحقنتين ". (*) ________________________________________