[ 229 ] وقيل: إنها لسليمان الاعمى أخي مسلم بن الوليد: يا ملاذي وعصمتي وعمادي * ومجيري من الخطوب الشداد بك قام الرجاء في كل قلب * زاد فيه البلاء كل مزاد إنما أنت نعمة أعقبتها * أنعم نفعها لكل العباد وعد مولاك أتممته (1) فأبهى الد * ر ما زين حسنه بانعقاد ما أظلت سحائب اليأس إلا * خلت (2) في كشفها عليك اعتمادي إن تراخت يداك عني فواقا * أكلتني الايام أكل الجراد وبعث بها إليه، فبعثها الامين إلى أمه زبيدة، فأعطتها الرشيد وهو في موضع لذاته، وفي إقبال من أريحيته، وتهيأت للاستشفاع لهم، وهيأت جواريها ومعنياتها، وأمرتهن بالقيام إليه معها. فلما فرغ الرشيد من قراءتها لم ينقض حبوته حتى وقع في أسفلها: عظيم ذنبك أمات خواطر العفو عنك. ورمى بها إلى زبيدة، فلما رأت توقيعه علمت أنه لا يرجع عنه. قال: واعتل يحيى، فلما شفي دعا برقعة فكتب في عنوانها: ينفذ أمير المؤمنين أبقاه الله عهد مولاه يحيى بن خالد، وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم، قد تقدم الخصم لموضع الفصل (3)، وأنت على الاثر، والله الحكم العدل. فلما ثقل قال للسجان: هذا عهدي، توصله إلى أمير المؤمنين، فإنه ولي نعمتي، وأحق من نفذ وصيتي فلما مات أوصل السجان عهد يحيى إلى الرشيد. فلما قرأه استمد، فكتب، ولا أدري لمن الرقعة. فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا أكفيك ؟ قال: كلا، إني أخاف عادة الراحة أن يقوى سلطان العجزة فيحكم الغفلة، ويقضي بالبلادة. قال سهل: فوقع فيه: الحكم الذى رضيت به في الآخرة لك، هو أعدى الخصوم عليك في الدنيا، وهو من لا ينقض حكمه، ولا يرد قضاؤه (4)، ثم رمى الكتاب إلي، فلما رأيته علمت أنه ليحيى، وأن الرشيد أراد أن يؤثر الجواب عنه. ________________________________________ (1) في العقد: أتممنه. (2) في العقد: كان. (3) في العقد 5 / 69 إلى موقف الفصل. (4) ذكر اليعقوبي في تاريخه 2 / 423 أن يحيى كتب إلى الرشيد يستعطفه.. فوقع على ظهر رقعته: إنما مثلك يا يحيى ما قال الله عز وجل: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون). (*) ________________________________________