[ 220 ] يمنع من الصبر. والثالث: الانقلاب عنك بلا فائدة شماتة الاعداء. والرابع: فإما " نعم " مثمرة ! وإما " لا " مريحة (1). فلما وصل الكتاب إلى الرشيد قال: هذا رجل قد ساقته الحاجة، ووصلت إليه الفاقة، فليدخل، فدخل فقال له الرشيد (2): ارفع حاجتك يا أعرابي. فقال الاعرابي: إن مع الحاجة حويجات. فقال له الرشيد: ارفع حاجتك وحويجاتك تقض كلها. قال الاعرابي: تأمر لي يا أمير المؤمنين بكلب أصيد به، فضحك الرشيد ثم قال له: قد أمرنا لك بكلب تصيد به. فقال: تأمر لي يا أمير المؤمنين بدابة أركبها. فقال الرشيد: قد أمرنا لك بدابة تركبها. فقال: تأمر لي يا أمير المؤمنين بغلام يخدم الدابة. فقال له الرشيد: قد أمرنا لك بغلام. قال الاعرابي: تأمر لي يا أمير المؤمنين بجارية تطبخ لنا الصيد، وتطعمنا منه، فقال الرشيد: قد أمرنا لك بجاريتين، جارية تؤنسك وجارية تخدمك. فقال الاعرابي: لا بد لهؤلاء، من دار يسكنونها فقال له الرشيد: قد أمرنا لك بدار، فقال الاعرابي: يا أمير المؤمنين يصيرون فيها عالة على الناس، وعلي كلالة، لا بد لهم من ضيعة تقيمهم. فقال له الرشيد: قد أقتطعتك مئة جريب (3) عامرة ومئة جريب غامرة (4)، فقال الاعرابي: ما الغامرة يا أمير المؤمنين ؟ قال الرشيد: غير معمورة تأمر بعمارتها. فقال الاعرابي: أنا أقطعتك ألف ألف (5) جريب من أرض أخوالي بني أسد بالحجاز تأمر بعمارتها، فضحك الرشيد وقال: قد أقطعتكها عامرة كلها. ثم قال الرشيد: تمت حويجاتك كلها يا أعرابي ؟ فقال: نعم، وبقيت حاجتي العظمى. فقال له الرشيد: ارفعها تقض. فقال أقبل رأسك (6) يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: هذا لا سبيل إليه. فقال ________________________________________ (1) الخبر في عيون الاخبار 3 / 126 بين بعض الحكماء وبعض ملوك العجم والعقد الفريد 1 / 100. قال في عيون الاخبار: " فلما قرأها وقع على كل سطر زه، فأعطي ستة عشر ألف مثقال فضة " وفي العقد: فلما قرأها وقع تحت كل سطر منها ألف مثقال وأمر له بها. (2) هذا خبر جديد مستقل عن الذي قبله وقد ورد هذا الخبر في العقد الفريد 1 / 263 بين أبي دلامة الشاعر والمهدي. وذكرت الرواية في الاغاني بين أبي دلامة والمنصور، وقيل كانت بينه وبين السفاح (ترجمة أبي دلامة 10 / 236. وفيهما باختلاف السياق عما هنا وانظر عيون الاخبار 3 / 128). (3) في العقد " ألفي جريب " والجريب من الارض ثلاثة آلاف وستمئة ذراع، وقيل: عشرة آلاف ذراع. (4) الغامرة، المغمورة المجهولة. وفي الاغاني: ما لا نبات فيه. (5) في الاغاني: " خمسمئة ألف " وفي العقد. خمسين ألفا. (6) في الاغاني: أقبل يدك. (*) ________________________________________