[ 329 ] ابن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء رجل آخر) فسأله عنها. (فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يابن رسول الله، رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه ؟) إنما لم يقل: رجال لأن مقصوده معرفة سبب اختلاف الأجوبة وذلك يحصل بذكر الاثنين أو لعلمه بأن ما أجابه هو حكم الله على وجهه فسأل عن سبب اختلاف جواب الآخرين لكونه لا على الوجه الظاهر عنده. (فقال: يا زرارة، إن هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا) الجملة الشرطية مستأنفة على وجه البيان الموجب للسابق كأنه قيل: لم كان ذلك خيرا وأبقى ؟ فأجاب بأنه لو اجتمعتم على أمر واحد في روايته عنا وأخبرتم الناس بأنكم سمعتموه منا لصدقكم الناس علينا ويعتقدون أنكم صادقين في روايته عنا لتوافق شهاداتكم وتماثل أخباركم وتواتر رواياتكم وأنكم موالينا وشيعتنا وفي ذلك فتنة وشهرة لنا ولكم عند أعدائنا. (ولكان أقل لبقائنا وبقائكم) أي ولكان اتفاقكم في الرواية عنا أو تصديقهم لكم فيها سببا لقلة بقائنا وبقائكم لأنه موجب لسرعة هلاكنا وهلاككم بخلاف ما إذا اختلفتم في الرواية عنا فإنهم لا يصدقونكم علينا ولا يعتقدون أنكم موالينا وفي ذلك بقاء لنا ولكم (1). وتلك الأجوبة المختلفة عن مسألة واحدة يحتمل أن يكون بعضها أو كلها من باب التقية لعلمه (عليه السلام) بأن السائل قد يضطر إليها، ويحتمل أن يكون كلها حكم الله تعالى في الواقع إذ ما من شئ إلا وله ذات وصفات متعددة متغايرة يترتب عليها أحكام مختلفة فلو سئل العالم النحرير عنه مرارا وأجاب في كل مرة بجواب مخالف للجواب السابق كانت الأجوبة كلها صادقة في نفس الأمر وإن لم يعلم السائل وجه صحتها ولا يقدح عدم علمه في صحتها لأن الواجب عليه بعد معرفة علو شأن المسؤول وتبحره في العلوم والمعارف هو التسليم واعتقاد أنها صدرت منه لمصلحة قطعا. (قال: ثم قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة) جمع سنان، وهو الرمح. ________________________________________ 1 - مثل أن يسأل هل عندكم شئ غير الكتاب والسنة ؟ فيقولون: لا، وهو حق، فإن جميع علومهم في الكتاب والسنة ويعتقد العامة من ذلك أنه لا يزيد علم أهل البيت عن علم علمائهم ثم يسأل آخر فيجيبون بأن عندنا الجفر والجامعة فيها كل شئ حتى الارش في الخدش، وهذا حق ويتوهم أنه مخالف للأول إذ ليس هذان عند علمائهم ويصير مثل ذلك سببا لعدم قطع المخالفين على شئ من اعتقاد الشيعة فيهم (عليهم السلام). (ش) (*) ________________________________________