[429] راجع الى الله وخائف من عذابه ومتخذ سبيل التوبة. المسلم هو ان هذه الآيات عامة لجميع البشر، لكن لا ينتفع بها إلاٍّ من خاف الله وشعر بالمسوؤلية(1). وبتعبير آخر: فان جملة (لِكُلِّ عَبْد مُنِيب) بمثابة بيان لسبب جملة (اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً)، أي ان الالتفات الى حقيقة العبودية والتوبة والإِنابة سبب للانتفاع بهذه الآيات(2). وفي الحقيقة، إذا ما درسنا حقيقة مفهوم العبودية، رأينا لا يخلو من التوبة والإِنابة عند اقتراف الذنب. * * * أما ثالث وآخر آية في البحث، فقد أشارت مرة اخرى الى المصير الرهيب لقوم لوط ذلك المجتمع الذي بلع من العـار أَقصاه، وسخر من جميع قيم الايمان والانسانية وغمر في وحل الفساد والفحشاء... إن الآية بعدما أشارت الى تدمير مدنهم وتخريبها قالت: (وَتَرَكْنا فِيهـا آيَةً لِلَّذِينَ يَخـافُونَ الْعَذابَ الأَلِيمَ) يعتقد الكثير أن مدن قوم لوط كانت في الشامات قرب "البحر الميت" أو بين الشام والحجاز، وكان يطلق عليها "المدائن المؤتفكة"، ويقال: إنه عندما زلزلت الارضُ من مدنَهم هدمتها، ثم نزلت عليهم أمطار من الاحجار، وانشقت عندها الارض شقاً نفذ فيه ماء "البحر الميت"، وبدل هذه المدن الى مستنقعات نتنة، ولهذا يدعي البعض العثور على آثار من الاعمدة وغيرها من هذه المدن في أطراف البحر الميت. وعلى أيّ حال، فان هذه الآثار الباقية ـ سواء كانت في اليابسة أو تحت ــــــــــــــــــــــــــــ 1 - تفسير القرطبي الجزء 8 الصفحة 5346. 2 - تفسير روح المعاني الجزء 22 الصفحة 104.