فقط كمعمر وغيره من كبار المعتزلة فإن قالوا أخطأ من قال هذا وكفر قلنا لهم وأخطأ أيضا وكفر من قال أن أفعال المختار لم يخلقها الله تعالى ولا فرق فإن قالوا أن الله تعالى هو خالق الطبيعة والمطبوع الذين ينسبون الفعل إليهما فهو خالق ذلك الفعل قلنا لهم والله D أيضا هو خالق المختار وخالق اختياره وخالق قوته وهم الذين ينسبون الفعل إليهم فهو D خالق ذلك الفعل ولا فرق .
قال أبو محمد وهذا الذي ذكرنا من إضافة التأثير وجميع الأفعال إلى كل من ظهرت منه من جماد أو عرض أو حي أو ناطق أو غير ناطق فهو الذي تشهد به الشريعة وبه جاء القرآن والسنن كلها وبه تشهد البينة لأنه أمر محسوس مشاهد وبه تشهد جميع اللغات من جميع أهل الأرض قاطبة لا نقول لغة العرب فقط بل كل لغة لا نحاشى شيئا منها وما كان هكذا فلا شيء أصح منه فإن قالوا تسمون الجماد والعرض كسبا قلنا لا لأنا لا نتعدى ما جاءت به اللغة من أحال اللغة التي بها نزل القرآن برأيه فقد دخل في جملة من قال الله تعالى فيه يحرفون الكلم عن مواضعه ولحق بالسوفسطائية في إبطالهم التفاهم ولو جاءت اللغة بذلك لقلناه كما نقول أن الله D فاعل ذلك ولا نسميه كاسبا فإن قيل أتقولون أن الجمادات والعرض عامل قلنا نعم لأن اللغة جاءت بذلك وبه نقول الحديد يعمل والحر يعمل في الأجسام وهكذا في غير ذلك فإن قيل أتقولون للجماد والعرض استطاعة وقوة وطاقة وقدرة قلنا إنما نتبع اللغة فقط فنقول أن الجمادات والأعراض قوى يظهر بها ما خلق الله تعالى فيها من الأفعال وفيها طاقة لها ولا نقول فيها قدرة ولا نمنع من أن نقول فيها طاقة قال الله تعالى وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد فنقول الحديد ذو بأس شديد وذو قوة عظيمة وذو طاقة وقد قلنا لكم لا نتعدى في التسمية والعبارة جملة ما جاءت به اللغة ولا نتعدى في تسمية الله تعالى والخبر عنه ما جاء به القرآن ونص عليه رسول الله A وهذا هو الذي صح به البرهان وما عداه فباطل وضلال وبالله تعالى التوفيق وأما اعتراضهم بهل الخلق هو الكسب أو غيره فنعم كسبنا لما ظهر منا وبطن وكل صنعنا وجميع أعمالنا وأفعالنا لذلك هو خلق الله D فينا كما ذكرنا لأن كل ذلك شيء وقال تعالى إنا كل شيء خلقناه بقدر ولكننا لا نتعدى باسم الكسب حيث اوقعه الله تعالىمخبرا لنا بأننا نجزي بما كسبت أيدينا وبما كسبنا في غير موضع من كتابة ولا يحل أن يقال أنه كسب لله تعالى لأنه تعالى لم يقله ولا أذن في قوله ولا يحل أن يقال أنها خلق لنا لأن الله تعالى لم يقله ولا أذن في قوله لكن نقول هي خلق لله كما نص على انه خالق كل شيء ونقول هي كسب لنا كما قال تعالى لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ولا نسميه في الشريعة ولا فيما يخبر به عن الله D لأن الله خالق الألسنة الناطقة بالأسماء وخالق الاسماء وخالق المسميات حاشاه تعالى وخالق الهواء الذي ينقسم على حروف الهجاء فتتركب منها الأسماء فإذا كانت الأسماء مخلوقة لله والمسميات دونه تعالى مخلوقة لله D والمسمون الناطقون بالاتهم مخلوقين لله D فليس لأحد إيقاع اسم على مسمى لم يوقعه الله تعالى عليه في الشريعة أو أباح إيقاعه عليه بإباحته الكلام باللغة التي أمرنا الله D بالتفاهم بها وبأن نتعلم بها ديننا ونعلمه