بها وقد نص تعالى على هذا القول منكرا على قوم أوقعوا اسما على مسميات لم يأذن الله تعالى بها ولا بإيقاعها عليه إن هي إلا أسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى أم للإنسان ما تمنى فأخبر D أن من أوقع اسما على مسمى لم يأت به نص بإيجابه أو بالإذن فيه بالشريعة أو بجملة اللغة فإنما يتبع الظن والظن أكذب الحديث وإنما يتبع هواه وقد حرم الله تعالى اتباع الهوى وأخبر تعالى أن الهدى قد جاء من عنده وقال تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة فليس لأحد أن يتعدى القرآن والسنة اللذين هما هدي الله D وبه التوفيق فصح ضرورة أنه ليس لأحد أن يقول إن أفعالنا خلق لنا ولا أنها كسب لله D ولكن الحق الذي لا يجوز خلافه هو أنها خلق لله تعالى كسب لنا كما جاء في هدي الله الذي هو القرآن وقد بينا أيضا أن الخلق هو الإبداع والاختراع وليس هذا لنا أصلا فأفعالنا ليست خلقا لنا والكسب إنما هو استضافة الشيء إلى جاعله أو جامعه بمشيئة له وليس يوصف الله تعالى بهذا في أفعالنا فلا يجوز أن يقال هي كسب له تعالى وبه نتأيد وأيضا فقد وافقونا كلهم على تسمية الباري تعالى بأنه خالق للأجسام وكلهم حاشا معمر أو عمرو بن بحر الجاحظ موافقون لنا على تسمية البارئ تعالى بأنه خالق للأعراس كلها حاشا أفعال المختارين وكلهم ومعمر والجاحظ أيضا موافقون لنا على تسمية الباري تعالى بأنه خالق الإماتة والأحياء وكلهم موافقون لنا على أنه تعالى إنما سمى خالقا لكل ما خلق لإبداعه إياه وكم يكن قبل ذلك فإذا ثبت بالبرهان اختراعه تعالى لسائر الأعراض التي خالفونا فيها وجب أن يسمى خلقا له D ويسمى هو تعالى خالقا لها وأما اعتراضهم بأنه إذا كانت أفعالنا خلقا لله تعالى وكان متوهما منا ومستطاعا عليه في ظاهر أمرنا بسلامة جوارحنا أن لا تكون تلك الأفعال فقد ادعينا اننا مستطيعون في ظاهر الأمر بسلامة الجوارح وأنه متوهم منا منع الله من أن يخلقها وهذا كفر مجرد ممن أجازه .
قال أبو محمد وهذا لازم للمعتزلة على الحقيقة لا لنا لأنهم القائلون أنهم يقدرون ويستطيعون على الحقيقة على ترك أفعالهم وعلى ترك الوطء الذي قد علم الله تعالى انه لا بد أن يكون وأن يخلق منه الولد وعلى ترك الضرب الذي قد علم الله أنه لا بد أن يكون وأنه يكون منه الموت وانقضاء الأجل المسمى عنده وعلى ترك الحرث والزرع الذي قد علم الله تعالى أنه لا بد أن يكون وأن يكون منه النبات الذي تكون منه الأقوات والمعاش فيلزمهم ولا بد أنهم قادرون على منع الله تعالى مما قد علم وقال أنه سيفعل .
قال أبو محمد ومن بلغ ههنا فلا بد أن يرجع إما تائبا محسنا إلى نفسه أو خاسئا غاويا مقلدا منقطعا أو يتمادى على طرد قوله فيكفر ولا بد مع خلافه لضرورة الحس والمشاهدة وضرورة العقل والقرآن وبالله تعالى التوفيق وأما نحن فجوابنا ها هنا أننا لم نستطع قط على فعل ما لم يعلم الله أننا سنفعله ولا على ترك ما علم أننا نفعله ولا على فسخ علم الله تعالى أصلا ولا على تكذيبه D في فعل ما أمر تعالى به وإن كنا في ظاهر الأمر نطلق ما أطلق الله تعالى من الاستطاعة التي لا يكون بها إلا ما علم الله تعالى أنه يكون ولا مزيد وهي استطاعة بإضافة لا استطاعة على الإطلاق لكن نقول هو مستطيع بصحة جوارحه أي أنه متوهم كون الفعل منه فقط فإن قالوا أفأمركم الله تعالى بأن تكذبوا قوله وتبطلوا علمه إذ أمركم بفعل ما علم أنه لا تفعلونه قلنا عند