الأمعاء وطلبوا الفرار فلا فرار وطاروا لو يصادفون مطارا وجثت الأمم على الركب وأيقن المذنبون بالهلاك والعطب وسوء المنقلب .
وينادي الأنبياء والصديقون والأولياء نفسي نفسي كل نفس قد أفردت لشأنها وتركت لما بها وظن كل إنسان أنه هو المأخوذ وأنه هو المقصود وذهلت العقول وطاشت الألباب وتحيرت الأذهان وفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه واشتغل بشأنه الذي يغنيه وسئل عن جميع أمره سره وجهره دقيقه وجليله كثيره وقليله وسئل عن أعضائه عضوا عضوا وجارحة جارحة وعن شكره عليها وعن أداء حق الله فيها .
وظهرت القبائح وكثرت الفضائح وبدت المخازي واشتهرت المساوي وتركك الأهل والأقربون ولم ينفعك مال ولا بنون وأقبلت تجادل عن نفسك وتخاصم عنها وتطلب المعاذير لها وقد أسلمت وأفردت واشتغل كل إنسان عنك بنفسه وترك ما حل بك لما حل به .
وأنشدوا .
( خليلي ما أقضي وما أنا قائل ... إذا جئت عن نفسي بنفسي اجادل ) .
( وقد وضع الرحمن في الخلق عدله ... وسيق جميع الناس واليوم باسل ) .
( وجيىء بجرم النار خاضعة له ... وثلت عروش عندها ومجادل ) .
( فيا ليت شعري ذلك اليوم هل أنا ... أأغفر أم أجزى بما أنا فاعل ) .
( فإن أك مجزيا فعدل وحجة ... وان يك غفران ففضل ونائل ) .
وأعلم أنه بقدر ما تيسسر على أخيك المسلم في الدنيا ييسر عليك في ذلك اليوم وبحسب ما تلتمس له العذر في الدنيا يلتمس لك العذر في ذلك اليوم