ابنك أو غيرهما من ورثتك وأنت إنما حصل لك منها ما أنفقته في الحال لا ما اعددته للمآل وتركت ذلك لمن لا يحمدك ولا يشكرك ولعله ينفقها في معصية فتكون أنت السبب فيها ويكون مالك العون عليها أو ينفقها في طاعة فترى مالك في ميزان غيرك تشقى أنت به وينعم به سواك .
وان كنت قد أنفقتها في معصية ربك ومخالفة مولاك واتباع هواك واطلقت فيها شهوتك وأرسلت فيها لذتك فيا ويلك ثم يا ويلك من أسير شد خناقه وأحكم وثاقه وثبتت على عنقه أرباقه وطولب بما جناه وأخذ بما كسبت يداه وقيل له لا تلم فيما أنضج من جسمك وطبخ فيداك اوكتا وفوك نفخ ولا تبك من سهم أنفذك وأصماك فطرفك أشار إليك وساعدك رماك .
وإن أخذت ذلك بالغصب والظلم وسائر أنواع المحرمات والأمور المحظورات فقد علمت ما أعد الله للظالمين وما تواعدهم في كتابه المبين .
وأعلم أن في هذا اليوم يصدق الله تعالى قوله ( فلنسألن الذين أرسل اليهم ولنسألن المرسلين فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ) ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) .
فيبدأ بالأنبياء عليهم السلام فيقول ماذا أجبتم قيل في تفسيرها كانوا قد علموا ولكن ذهبت عقولهم وعزبت أفهامهم ونسوا من شدة الهول وعظم الخطب وصعوبة الأمر فقالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب .
ثم يقربهم الله D فيدعى نوح عليه السلام .
وذكر البخاري من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله A يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقول لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير فيقول من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيشهدون أنه بلغ ويكون الرسول عليهم شهيدا فذلك قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) والوسط العدل