@ 230 @ أصحاب الغنم ، وأن يضمنوا ذلك بالمثل بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان حين نفشت فيه غنمهم . ولم يضيع عليهم غلته من حين الإتلاف إلى حين العود ، بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان فيستوفوا من نماء غنمهم نظير ما فاتهم من نماء حرثهم . وقد اعتبر النماءين فوجدهما سواء ، قالوا : وهذا هو العلم الذي خصه الله به ، وأثنى عليه بإدراكه . هكذا يقولون ، والله تعالى أعلم . .
المسألة العاشرة .
اعلم أن العلماء اختلفوا في مثل هذه القصة . فلو نفشت غنم قوم في حرث آخرين فتحاكموا إلى حاكم من حكام المسلمين فماذا يفعل ؟ اختلف العلماء في ذلك . فذهب أكثر أهل العلم إلى أن ما أفسدته البهائم ليلاً يضمنه أرباب الماشية بقيمته ، وهو المشهور من مذهب مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله . وقيل : يضمنونه بمثله كقضية سليمان . قال ابن القيم : وهذا هو الحق . وهو أحد القولين في مذهب أحمد ، ووجه الشافعية والمالكية ، والمشهور عنهم خلافه . والآية تشير إلى اختصاص الضمان بالليل . لأن النفش لا يطلق لغة إلا على الرعي بالليل كما تقدم . واحتج الجمهور لضمان أصحاب البهائم ما أفسدته ليلاً بحديث حرام بن مُحيِّصة : أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطاً فأفسدت فيه . فقضي نبي الله صلى الله عليه وسلم : ( أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار ، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها ) رواه الأئمة : مالك ، والشافعي ، وأحمد وأبو داود ، وابن داود ، وابن ماجه والدارقطني ، وابن حبان . وصححه الحاكم فقال بعد أن ساق الحديث المذكور : هذا حديث صحيح الإسناد على خلاف فيه بين معمر والأوزاعي : فإن معمراً قال : عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه ، وأقره الذهبي على تصحيحه ولم يتعقبه . .
وقال الشوكاني رحمه الله في ( نيل الأوطار ) في الحديث المذكور : صححه الحاكم والبيهقي . قال الشافعي : أخذنا به لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله ا ه منه . والاختلاف على الزهري في رواية هذا الحديث كثير معروف . .
وقال ابن عبد البر : وهذا الحديث وإن كان مرسلاً فهو حديث مشهور ، أرسله الأئمة ، وحدث به الثقات ، واستعمله فقهاء الحجاز وتلقوه بالقبول ، وجرى في المدينة العمل به ، وحسبك باستعمال أهل المدينة وسائر أهل الحجاز لهذا الحديث ، وعلى كل حال فالحديث المذكور احتج به جمهور العلماء ، منهم الأئمة الثلاثة المذكورون على أن