@ 216 @ موسى في كتابه إليه : الفهم الفهم فيما أدلى إليك . وقال علي رضي الله عنه : إلا فهما يؤتيه الله عبداً في كتابه . وقال أبو سعيد : كان أبو بكر رضي الله عنه : أعلمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم . ودعا النَّبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس : ( أن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل ) والفرق بين الفقه والتأويل : أن الفقه هو فهم المعنى المراد والتأويل إدراك الحقيقة التي يؤول إليها المعنى التي هي آخيته وأصله ، وليس كل من فقه في الدين عرف التأويل . فمعرفة التأويل يختص بها الراسخون في العلم ، وليس المراد به تأويل التحريف وتبديل المعنى ، فإن الراسخين في العلم يعلمون بطلانه ، والله يعلم بطلانه إلى أن قال رحمه الله : .
وكل فرقة من هؤلاء الفرق الثلاث : يعني نفاة القياس بالكلية ، والغالين فيه . والقائلين بأن العلل الشرعية أمارات وعلامات فقط ، لا مصالح أنيطت بها الأحكام وشرعت من أجلها سدوا على أنفسهم طريقاً من طرق الحق . فاضطروا إلى توسعة طريق أخرى أكثر مما تحتمله . فنفاه القياس لما سدوا على نفوسهم باب التمثيل والتعليل ، واعتبار الحكم والمصالح ، وهو من الميزان والقسط الذي أنزله الله احتاجوا إلى توسعة الظاهر والاستصحاب ، فحملوهما فوق الحاجة ، ووسعوهما أكثر مما يسعانه . فحيث فهموا من النص حكماً أثبتوه ولم يبالوا مما وراءه ، وحيث لم يفهموه منه نفوه وحملوا الاستصحاب . وأحسنوا في اعتنائهم بالنصوص ونصرها . والمحافظة عليها ، وعدم تقديم غيرها عليها من رأي أو قياس أو تقليد . وأحسنوا في رد الأقيسة الباطلة ، وبيانهم تناقض أهلها في نفس القياس ، وتركهم له ، وأخذوا بقياس تركهم وما هو أولى منه . ولكن أخطؤوا من أربعة أوجه : .
أحدها رد القياس الصحيح ، ولا سيما المنصوص على علته التي يجري النص عليها مجرى التنصيص على التعميم باللفظ ، ولا يتوقف عاقل في أن قول النَّبي صلى الله عليه وسلم لما لعن عبد الله خماراً على كثرة شربه للخمر : ( لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله ) بمنزلة قوله : لا تلعنوا كل من يحب الله ورسوله . وفي قوله : ( إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس ) بمنزلة قوله : ينهيانكم عن كل رجس . وفي أن قوله تعالى : { إِلاَ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ } : نهى عن كل رجس . وفي أن قوله في الهرة : ( ليست بنجس لأنها من الطوافين عليكم والطوافات ) . بمنزلة قوله : كل ما هو من الطوافين عليكم والطوافات فإنه ليس بنجس ، ولا يستريب أحد في أن من قال لغيره : لا تأكل من هذا الطعام فإنه مسموم نهى له عن كل طعام كذلك ،