@ 380 @ وقول الحطيئة أو غيره : أي رحمة لك ، وعطف وشفقة عليك وقول الحطيئة أو غيره : % ( تحنن على هداك المليك % فإن لكل مقام مقالا ) % .
وقوله تعالى : { مّن لَّدُنَّا } أي من عندنا ، وأصح التفسيرات في قوله ( وزكاةً ) أنه معطوف على ما قبله أي أو أعطيناه زكاة ، أي طهارة من أدران الذنوب والمعاصي بالطاعة ، والتقرب إلى الله بما يرضيه : وقد قدمنا في سورة ( الكهف ) الآيات الدالة على إطلاق الزكاة في القرآن بمعنى الطهارة ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا . وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية ( وزكاةً ) الزكاة : التطهير والبركة والتنمية في وجوه الخير . أي جعلناه مباركاً للناس يهديهم . وقيل المعنى : زكيناه بحسن الثناء عليه كما يزكي الشهود إنساناً . وقيل ( زكاةً ) صدقة على أبويه . قاله ابن قتيبة إنتهى كلام القرطبي . وهو خلاف التحقيق في معنى الآية . والتحقيق فيه إن شاء الله هو ما ذكرنا ، من أن المعنى : وأعطيناه زكاة أي طهارة من الذنوب والمعاصي بتوفيقنا إياه للعمل بما يرضي الله تعالى . وقول من قال من العلماء : بأن المراد بالزكاة في الآية العمل الصالح ، راجع إلى ما ذكرنا لأن العمل الصالح هو الذي به الطهارة من الذنوب والمعاصي . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَكَانَ تَقِيّا } أي ممتثلاً لأوامر ربه مجتنباً كل ما نهى عنه . ولذا لم يعمل خطيئة قط ، ولم يلم بها ، قاله القرطبي وغيره عن قتادة وغيره . وفي نحو ذلك أحاديث مرفوعة ، والظاهر أنه لم يثبت شيء من ذلك مرفوعاً ، إما بإنقطاع ، وإما بعنعنة مدلس : وإما بضعف واو ، كما أشار له ابن كثير وغيره . وقد قدمنا معنى ( التقوى ) مراراً وأصل مادتها في اللغة العربية . .
وقوله تعالى : { وَبَرّا بِوالِدَيْهِ } البر بالفتح هو فاعل البر بالكسر كثيراً أي وجعلناه كثير البر بوالديه ، أي محسناً إليهما ، لطيفاً بهما ، لين الجانب لهما . وقوله ( وبراً ) معطوف على قوله ( تقياً ) ، وقوله ( ولم يكن جباراً عصياً ) أي لم يكن مستكبراً عن طاعة ربه وطاعة والديه ، ولكنه كان مطيعاً لله ، متواضعاً لوالديه ، قاله ابن جرير . والجبار : هو كثير الجبر ، أي القهر للناس ، والظلم لهم . وكل متكبر على الناس يظلمهم : فهو جبار . وقد أطلق في القرآن على شديد البطش في قوله تعالى : { وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } وعلى من يتكرر منه القتل في