@ 371 @ ، وقوله { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } ، وقوله { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ } ، وأمثال ذلك . كل هذه الأفعال الماضية الدالة على الوقوع بالفعل فيما مضى أطلقت مراداً بها المستقبل ، لأن تحقق وقوع ما ذكر صيره كالواقع بالفعل . وكذلك وكذلك تسميته شيئاً قبل وجوده لتحقق وجوده بإرادة الله تعالى . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ } قرأه عامة السبعة ما عدا حمزة والكسائي ( خلقتك ) بتاء الفاعل المضمومة التي هي تاء المتكلم . وقرأه حمزة والكسائي ( وقد خلقناك ) بنون بعدها ألف ، وصيغة الجمع فيها للتعظيم . قوله تعاله : { قَالَ رَبِّ اجْعَل لِىءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } . المراد بالآية هنا العلامة ، أي اجعل لي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به من الولد . قال بعض أهل العلم : طلب الآية على ذلك لتتم طمأنينته بوقوع ما بشر به . ونظيره على هذا القول قوله تعالى عن إبراهيم : { قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَاكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى } . وقيل : أراد بالعلامة أن يعرف ابتداء حمل امرأته ، لأن الحمل في أول زمنه يخفى . .
وقوله في هذه الآية الكريمة : { ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } أي علامتك على وقوع ذلك ألا تكلم الناس ، أي أن تمنع الكلام فلا تطيقه ثلاث ليال بأيامهن في حال كونك سوياً ، أي سوى الخلق ، سليم الجوارح ، ما بك خرس ولا بكم ولكنك ممنوع من الكلام على سبيل خرق العادة ، كما قدمنا في ( آل عمران ) . أما ذكر الله فليس ممنوعاً منه بدليل قوله في ( آل عمران ) : { وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِىِّ وَالإِبْكَارِ } . وقول من قال : إن معنى قوله تعالى . { ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } أي ثلاث ليال متتابعات غير صواب ، بل معناه هو ما قدمنا من كون اعتقال لسانه عن كلام قومه ليس لعلة ولا مرض حدث به . ولكن بقدرة الله تعالى وقد قال تعالى هنا ( ثلاث ليال ) ولم يذكر معها أيامها ، ولكنه ذكر الأيام في ( آل عمران ) ، في قوله { قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ } . فدلت الآيتان على أنها ثلاث ليالي بأيامهن . .
وقوله تعالى في هذه الآية : { أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ } يعني إلا بالإشارة أو الكتابة ، كما دل عليه قوله هنا : { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً } ، وقوله في ( آل