@ 368 @ والشرف ، وهو فعيل بمعنى مفاعل من السمو بمعنى العلو والرفعة ، ويكثر في اللغة إتيان الفعيل بمعنى المفاعل . كالقعيد والجليس بمعنى المقاعد والمجالس . والأكيل والشريب بمعنى المؤاكل والمشارب ، وكذلك السمى بمعنى المسامي أي المماثل في السمو . فإذا علمت ذلك فاعلم أن قوله هنا { لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً } أي لم نجعل من قبله أحداً يتسمى باسمه . فهو أول من كان اسمه يحيى . وقول من قال : إن معناه لم نجعل له سمياً أي نظيراً في السمو والرفعة غير صواب لأنه ليس بأفضل من إبراهيم وموسى ونوح ، فالقول الأول هو الصواب . وممن قال به ابن عباس وقتادة والسدي وابن أسلم وغيرهم . ويروى القول الثاني عن مجاهد وابن عباس أيضاً . وإذا علمت أن الصواب أن معنى قوله { لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً } أي لم نسم أحداً باسمه قبله فاعلم أن قوله { رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } معناه : أنه تعالى ليس له نظير ولا مماثل يساميه في العلو والعظمة والكمال على التحقيق . وقال بعض العلماء : وهو مروي عن ابن عباس { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } هل تعلم أحداً يسمى باسمه الرحمن جل وعلا . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِى عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن زكريا لما بشر بيحيى قال { رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِى عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً } وهذا الذي ذكر أنه قاله هنا ذكره أيضاً في ( آل عمران ) في قوله { قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِى عَاقِرٌ } . وقوله في هذه الآية الكريمة { وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً } قرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ( عتياً ) بكسر العين اتباعاً للكسرة التي بعدها ، ومجانسة للياء وقرأه الباقون ( عتياً ) أنه بلغ غاية الكبر في السن . حتى نحل عظمه ويبس . قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية : يقول وقد عتوت من الكبر فصرت نحيل العظام يابسها . يقال منه للعود اليابس : عودعات وعاس . وقد عتا يعتو عتواً وعتياً . وعسا يعسو عسياً وعسوا . وكل متناه إلى غاية في كبر أو فساد أو كفر فهو عات وعاس .