@ 369 @ .
تنبيه .
فإن قيل : ما وجه استفهام زكريا في قوله { أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ } مع علمه بقدرة الله تعالى على كل شيء . .
فالجواب من ثلاثة أوجه قد ذكرناها في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عند آيات الكتاب ) في سورة ( آل عمران ) وواحد منها فيه بعد وإن روى عن عكرمة والسدي وغيرهما . .
الأول أن استفهام زكريا استفهام استخبار واستعلام . لأنه لا يعلم هل الله يأتيه بالولد من زوجة العجوز على كبر سنهما على سبيل خرق العادة . أو يأمره بأن يتزوج شابة ، أو يردهما شابين ؟ فاستفهم عن الحقيقة ليعلمها . ولا إشكال في هذا ، وهو أظهرها . .
الثاني أن استفهامه استفهام تعجب من كمال قدرة الله تعالى . .
الثالث وهو الذي ذكرنا أن فيه بعداً هو ما ذكره ابن جرير عن عكرمة والسدي : من أن زكريا لما نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى ، قال له الشيطان : ليس هذا نداء الملائكة ، وإنما هو نداء الشيطان ، فداخل زكريا الشك في أن النداء من الشيطان ، فقال عند الله الشك الناشيء عن وسوسة الشيطان قبل أن يتيقن أنه من الله : { أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ } ولذا طلب الآية من الله على ذلك بقوله : { رَبِّ اجْعَل لِىءَايَةً } . وإنما قلنا : إن هذا القول فيه بعد لأنه لا يلتبس على زكريا نداء الملائكة بنداء الشيطان . .
وقوله في هذه الآية الكريمة ( عتياً ) أصله عتوا ، فأبدلت الواو ياء . ومن إطلاق العتى الكبر المتناهي قول الشاعر : وقوله في هذه الآية الكريمة ( عتياً ) أصله عتوا ، فأبدلت الواو ياء . ومن إطلاق العتى الكبر المتناهي قول الشاعر : % ( إنما يعذر الوليد ولا يع % ذر من كان في الزمان عتيا ) % .
وقراءة ( عسياً ) بالسين شاذة لا تجوز القراءة بها . وقال القرطبي : وبها قرأ ابن عباس ، وهي كذلك في مصحف أبي . قوله تعالى : { قَالَ كَذالِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } . هذا الذي ذكره تعالى في هذه الآية الكريمة ذكره أيضاً في ( آل عمران ) في قوله : { قَالَ كَذَالِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } . وقوله في هذه الآية الكريمة ( كذلك ) للعلماء في إعرابه أوجه :