وقوله على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين لأن الدليل على من ادعى أنها سبب شرعي والأصل عدم ذلك والنافي لكونها سببا يكفيه قيامه مقام المنع إنما الشأن في شيء آخر غير إلزام من ردت عليه بها وأن المنكر لما طلبت منه اليمين التي عليه شرعا ولا يندفع عنه الحق إلا بفعلها قد رضي لنفسه بان يحلف المدعي بأن هذا الأمر الذي ادعاه ثابت على المنكر وقنع بذلك وزحزح اليمين المتوجهه عليه بهذا الرد فالحكم عليه بهذه اليمين إذا حلفها المدعي ليس لكونها سببا شرعيا بل لكون المنكر قد رضي بها عوضا عن اليمين التي عليه .
قلت هذا صحيح من هذه الحيثية وللإنسان أن يلزم نفسه ما شاء بما شاء فإن حلفها المدعي لزم المنكر ما أفاده وإن أبى أن يحلف فلا إكراه له ولا يكون تركه لفعلها حجة عليه مبطلة لدعواه فاعرف هذا وتأمله فإنه نفيس .
قوله أو طلب تأكيد بينته غير المحققة إلخ .
أقول ليس على هذه اليمين أثاره من علم بل الواجب النظر في البينة التي أقامها المدعي فإن كانت شهادة مفيدة قد صحت للحاكم وجب عليه الحكم بها ولا يكون طلب المدعى عليه لها موجبا للتوقف في الحكم ولا يحل للحاكم أن يسمع منه ذلك وأما إذا كانت البينة غير صالحة لاستناد الحكم إليها بوجه من الوجوه فعلى المدعي أن يأتي بينته صحيحه معمولا بها فإن نهض بذلك فذاك وإن عجز عنه فليس له إلا يمين المنكر لأن الشهادة التي أقامها قد تبين ليست سببا شرعيا للحكم .
فإن قلت إذا عرف الحاكم من طلب الطالب ليمين التاكيد أنه يعلم أن في شهادته خللا وإن كانت في الظاهر صحيحة صالحة للسببية للحكم فكأنه يقول أنا لا أنكر عدالة الشهود ولا أدعي أنهم تعمدو الكذب ولكني أدعي أن في شهادتهم علة توجب ردها والمدعي يعلم بذلك