قلت إذا كان الأمر هكذا لم يحل للحاكم أن يجزم بالحكم حتى يبحث عن تلك العلة التي يدعيها المنكر ويطالبه ببيانها فإن تعذر البيان من جهته فهو بهذه الدعوى قد صار مدعيا والمنكر لعلمه بخلل في الشهادة قد صار منكرا فلا يبعد أندراجهما بذلك تحت قوله A ( على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين ) فيكون إيجابها على المدعي ثابتا من هذه الحيثية لا من حيثية كونها مؤكدة .
قوله ( ولا ترد المتممة ) .
أقول أعلم أن القضاء بشاهد واحد ويمين المدعي لما كانت الشهادة فيه غير كاملة وكانت اليمين غير يمين المنكر التي يجب بها الحق اختلف أهل العلم في جواز القضاء بذلك فالمانع يحتج بأن الأسباب الشرعية هي الإقرار أو الشهادة الكاملة أو اليمين من المنكر وهذه أعني شهادة الشاهد الواحد مع يمين المدعي ليست واحدا من هذه الأسباب .
ويجاب عليهم بأن الأحاديث الواردة في القضاء بالشاهد واليمين قد جاوزت عشرين حديثا ومنها الصحيح ومنها الحسن ومنها ما هو دون ذلك وهذا العدد قد صار المروي عن مثله معدودا في الأحاديث المتواترة والحجة الشرعية تقوم بما هو دون ذلك فكيف بمثله فتقرر به أن الشاهد الواحد مع يمين المدعي سبب شرعي للحكم ولم يأت من أبى ذلك بشيء يعتد به .
ولو قدرنا ورود صيغة تدل على انحصار الأسباب الشرعية في الإقرار والشهادة واليمين لكانت هذه الأحاديث المتواترة مخصصة لذلك المفهوم الذي أفاده الحصر وهذا ظاهر لا يخفى وقد تعرض المصنف هنا لعدم رد هذه اليمين التي يقال لها المتممة ووجهه أنها لا ثتم السببية للحكم إلا بمجموع الشاهد واليمين وإلا لم يكن سببا أصلا