أصله إن نرينك و ما مزيد لتأكيد معنى الشرط ومن ثمت أكد الفعل بالنون والرؤية بصرية أي إما نرينك بعينك بعض الذي نعدهم من العذاب بأن نعذبهم في حياتك أو نتوفينك قبل ذلك فإلينامرجعهم جواب للشرط وما عطف عليه والمعنى إن عذابهم في الآخرةمقرر عذبوا في الدنيا أو لا وقيل : هو جواب نتوفينك كأنه قيل : إما نتوفينك فإلينا مرجعهم فنريكه في الآخرة وجواب الأول محذوف أي إما نرينك فذاك المراد أو المتمنى أو نحو ذلك وقال الطيبي : أي فذاكحق وصواب أو واقع أو ثابت وإختار الأول أبو حيان والإعتراض عليه بأن الرجوع لا يترتب على تلك الإراءة فيحتاج إلى إلتزام كون الشرطيةإتفاقية ناشيء من الغفلة عن المعنى المراد والمراد من نعدهم وعدناهم إلا أنه عدل إلى صيغة الإستقبال لإستحضار الصورة أو للدلالة علىالتجدد والإستمرار أي نعدهم وعدا متجددا حسبما تقتضيه الحكمة من إنذار غب إنذار .
وفي تخصيص البعض بالذكر قيل رمز إلى أن العدة بإراءة بعض الموعودوقد أراه صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك يوم بدر ثم الله شهيد على ما يفعلون 46 من الأفعال السيئة التي حكيت عنهم والمراد من الشهادة لازمها مجازاوهو المعاقبة والجزاء فكأنه قيل : ثم الله تعالى معاقب على ما يفعلون وجوز أن يراد منها إقامتها وأداؤها بإنطاق الجوارح وإلا فشهادةالله سبحانه بمعنى كونه رقيبا وحافظا أمر دائم في الدارين و ثم لا تناسب ذاك والظاهر أنها على هذين الوجهين على ظاهرها وفي الكشف وغيره على الأول للتراخي الرتبي وعلى الثاني على الظاهر وظاهر كلام البعض إستحسان حملها على التراخي الرتبي مطلقا ولا أرى لإرتكاب خلاف الظاهر بعد ذلك الإرتكاب داعيا وأن العطف بها على الجزاء لا علىمجموع الشرطية وأنت تعلم أن العطف على ذاك يمنع من إرادة التعذيب منه أو إراءته أو نحو ذلك مما لا يصح أن يكون المعنى المعطوف بثمبعده ومترتبا عليه ولعل ما إعتبروه هناك ليس تفسيرا للرجوع بل هوبيان للمقصود من الكلام وإظهار إسم الجلالة لإدخال الروعة وتربيةالمهابة وتأكيد التهديد وقرأ ابن أبي عبلة ثم بالفتح أي هنالك ولكل أمة يوم القيامة رسول تنسب إليه وتدعى به فإذا جاءرسولهم الموقف ليشهد عليهم بالكفر والإيمان قضي بينهم أي بعد أنيشهد بالقسط بالعدل وحكم بنجاة المؤمن وعقاب الكافر وهم لايظلمون 47 أصلا والجملة قيل تذييل لما قبلها مؤكدة له .
وقيل : في موضع الحال أي مستمرا عدم ظلمهم ونظير هذه الآية على هذا قوله سبحانه : وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم أو لكل أمة منالأمم الخالية رسول يبعث إليهم بشريعة إقتضتها الحكمة ليدعوهم إلى الحقفإذا جاء رسولهم فبلغهم ودعاهم فكذبوه وخالفوه قضي بينهم أي بين كلأمة ورسولها بالعدل وحكم بنجاة الرسول والمؤمنين به وهلاك المكذبين والأول مما رواه ابن جرير وغيره عن مجاهد والإستقبال عليه على ظاهره ولا يحتاج إلى تقدير مثل ما أحتيج في التفسير الثاني وقد رجح بقوله تعالى .
ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صدقين 48 بناء على أن الظاهر أن المراد بالوعد الذي أشاروا إليه العذاب الدنيوي الموعود كما يرشدإليه ما بعد وإستشكل ما يقتضيه ظاهر الآية من أن الله تعالى لم يهملأمة من