على حقية التوحيد لكن لا يقبله مكابرة وعنادا ومقتضى ما ذكروه في وجه أمره صلى الله عليه تعالى وسلم بأن منوب عنهم في الجواب من أنه الإشارة إلى أن لجاجهم وعنادهم يمنعهم من الإعتراف بذلك أن فيهم من علم وكان معاندا ولعل النيابة حينئذ عن الجميع بإعتبار هذا البعض وجوز أن يكون المعنى ما يتبع أكثرهم مدة عمره إلا ظنا ولا يتركونه أبدا فإن حرف النفي الداخل على المضارع يفيد إستمرار النفي بحسب المقام فالمراد بالإتباع مو الأذعان والإنقياد والقصر بإعتبار الزمان وفي التخصيص تلويح بما سيكون من بعضهم من إتباع الحق والتوبة وقيل : المعنى وما يتبع أكثرهم في إقرارهم بالله تعالى إلا ظنا لأنه قول غير مستند إلى برهان عندهم وقيل : المعنى وما يتبع أكثرهم في قولهم للأصنام أنها آلهة وأنها شفعاء عند الله إلا الظن والأكثر بمعنى الجميع وهذا كما ورد القليل بمعنى العدم في قوله تعالى : فقليلا مايؤمنون وفي قوله : قليل التشكي في المصيبات حافظ من اليوم أعقاب الأحاديث في غد وحمل النقيض على النقيض حسن وطريقة مسلوكة ولا يخفى أنه لا يتعين على هذين القولين حمل الأكثر على الجميع بل يمكن حمله على ما يتبادر منه أيضا ومن الناس من جعل ضمير أكثرهم للناس و حينئذ يجب الحمل على المتبادر بلا كلفة إن الظن مطلقا لا يغني من الحق شيئا فكيف الظن الفاسد والمراد من الحق العلم والإعتقاد الصحيح المطابق للواقع والجار متعلق بما قبله وشيئا نصب على أنه مفعول مطلق أي إغناء ما ويجوز أن يكون مفعولا به والجار والمجرور في موضع الحال منه والجملة إستئناف لبيان شأن الظن وبطلانه وفيه دليل لمن قال : إن تحصيل العلم في الإعتقاديات واجب وإن إيمان المقلد غير صحيح وإنما لم يؤخذ عاما للعمليات لقيام الدليل على صحة التقليد والإكتفاء بالظن فيها كما قرر في موضعه .
إن الله عليم بما يفعلون 36 وعيد لهم على أفعالهم القبيحة ويندرج فيها ما حكى عنهم من الإعراض عن البراهين القاطعة وإتباع الظنون الفاسدة إندراجا أوليا وقريء تفعلون بالإلفات إلى الخطاب لتشديد الوعيد وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله شروع فيبيان حالهم من القرآن إثر بيان حالهم مع الأدلة المندرجة في تضاعيفه أو إستئناف لبيان ما يجب اتباعه والبرهان عليه غب المنع مع اتباع الظن وقيل : إنه متعلق بما قصه الله تعالى من قولهم : إئت بقرآن غير هذا وقيل : بقوله سبحانه : ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه إلخ ولا يخفى مافي ذلك من البعد وكان هنا ناقصة عند كثير من الكاملين وهذا اسمها والقرآن نعت له أو عطف بيان وأن يفترى يتأويل المصدر أي إفتراء خبر كان وهو في تأويل المفعول أي مفترى كما ذكره ابن هشام في قاعدة أن اللفظ قد يكون على تقدير وذلك المقدر على تقدير آخر ومنه قول .
لعمرك ماالفتيان أن تنبت اللحى .
وذهب بعض المعربين أن ماكان بمعنى ما صح وإن في الكلام لاما مقدرة لتأكيد النفي والأصل هذا القرآن لأن يفترى كقوله تعالى : وما كان المؤمنين لينفروا كافة وأن يفترى خبر كان ومن دون الله خبر ثان وهو بيان للأول أي ما صح ولا إستقام أن يكون هذا القرآن المشحون بفنون الهدايات المستوجبة الإتباع التي من جملتها هاتيك الحجج البينة الناطقة بحقية التوحيد وبطلان الشرك صادرا من غير الله تعالى كيف كان وقيل عليه ما قيل لكنه لا ينبغي لعدول عما قاله في محل من دون الله وما ذكر في حاصل المعنى أمر مقبول كما لايخفى وجوز البدر