ما توعدون والإظهار في موضع الإضمار لزيادة التقرير و أن يتبع في حيز النصب أو الجر بعد حذف الجار على الخلاف المعروف في مثله أو بأن يتبع الا أن يهدي إستثناء مفرغ من أعم الأحوال أي لا يهتدي أو لايهدي غيره في حال من الأحوال إلا حال هدايته تعالى له إلى الإهتداء أو إلى هداية الغير وهذا على ما قاله جمع حال أشراف شركائهم كالمسيح وعزيز والملائكة عليهم السلام دون الأوثان لأن الإهتداء الذي هو قبول الهداية وهداية الغير مختصان بذوي العلم فلا يتصور فيها وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وغيرهما أن المراد الأوثان ووجه ذلك بأنه جار على تنزيلهم لها منزلة ذوي العلم وقيل : المعنى أم من لا يهتدي من الأوثان إلى مكان فينقل إليه إلا أن ينقل إليه أو إلا أن ينقله الله تعالى من حاله إلى أن يجعله حيوانا مكلفا فيهديه وهو من قولك : هديت المرأة إلى زوجها وقد هديت إليه وقيل : الآية الأولى قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده في الأصنام أو فيما يعمهم ونحو الملائكة عليهم السلام وهذه في رؤساء الضلالة كاللأحبار والرهبان الذين إتخذوا أربابا من دون الله وليس بالبعيد فيما أرى ويؤيده التعبير بالإتباع فغنه يقتضي العمل بأوامرهم والإجتناب عن نواهيهم وهذا لا يعقل في الأوثان إلا بتكلف وهو وإن عقل في أشراف شركائكم لكنهم لا يدعون إلا إلى خير وإتباعهم في ذلك لا ينعى على أحدهم اللهم إلا أن يقال : إن المشركين تقولوا عليهم أوامر ونواهي فنعى عليهم إتباعهم لهم في ذلك وعبر بالإتباع ولم يعبر بالعبادة بأن يقال : أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يعبد أم من لا يهدي إلا أن يهدي مع أن الآية متضمنة إبطال صحة عبادتهم من حيث أنهم لايهدون وأدنى مراتب العبودية هداية المعبود لعبدته إلى ما فيه صلاح أمرهم مبالغة في تفظيع حال عبادتهم لأنه إذا لم يحسن الإتباع لك تحسن العبادة بالطريق الأولى وإذا قبح حال ذاك فحال هذه أقبح والله تعالى أعلم وقرىء إلا أن يهدي مجهولا مشددا دلالة على المبالغة في الهداية فمالكم أي أي لكم في إتخاذ هؤلاء العاجزين شركاء لله سبحانه وتعالى والكلام مبتدأ وخبر والإستفهام للإنكار والتعجب .
وعن بعض النحاة أن مثل هذا التركيب لا يتم بدون حال بعده نحو قوله تعالى : فما لكم عن التذكرة معرضين لعل الحال هنا محذوف لظهوره كأنه قيل : فما لكم متخذين هؤلاء شركاء ولا يصح أن يكون قوله D كيف تحكمون 35 في موضع الحال لأن الجملة الإستفهامية لا تقع حالا بل هو إستفهام آخر للإنكار التعجب أيضا أي كيف تحكمون بالباطل الذي يأباه صريح العقل ويحكم ببطلانه من إتخاذ الشركاء لله جلا وعلا والفاء لترتيب الإنكار على ما ظهر من وجوب إتباع الهادي ومايتبع أكثرهم إلا ظنا كلام مبتدأ غير داخل في حيز الأمر مسوق من جهته تعالى لبيان سوء إدراكهم وعدم فهمهم لمضمون ما أفحمهم من البراهين النيرة الوجبة للتوحيد أي ما يتبع أكثرهم في معتقداتهم ومحاوراتهم إلا ظنا واهيا مستندا إلى خيالات فارغة وأقيسه باطلة كقياس الغائب على الشاهد وقياس الخالق على المخلوق بأدنى مشاركة موهومة ولا يلتفتون لي فرد من أفراد العلم فضلا عن أن يسلكوا مسالك الأدلة الصحيحة الهادية إلى الحق فيفهموا مضمونها ويقفوا على صحتها وبطلان ما يخالفها فالمراد بالاتباع مطلق الإنقياد الشامل لما يقارن القبول والإنقياد وما لايقارنه وبالقصر ما أشير اليه من أن لايكون لهم في أثنائه إتباع لفرد من أفراد العلم والتفات إليه .
وتنكير ظنا للنوعية وفي تخصيص هذا الإتباع بالأكثر الإشارة إلى أن منهم من قد يتبع فيقف