الدماميني أن تكون كان تامة وأن يفترى بدل أشتمال من هذا القرآن وتعقب بأنه لا يحسن قطعا لأن ما وجد القرآن يوهم من أول الأمرنفي وجوده وأيضا لابد من الملابسة بين البدل والمبدل منه في بدلالإشتمال فيلزم أن يبتنى الكلام على الملابسة بين القرآن العظيم والإفتراء وفي إلتزام كل ماترى وأجيب عن ذلك بما لا أراه مثبتا للحسن أصلا وأقتصر بعضهم على إعتبار المصدر من غير تأويله بإسم المفعول إعتبارا للمبالغة على حد ما قيل في زيد عدل والظاهر عندي أن المبالغة حينئذ راجعة إلى النفي نظير ما قيل في قوله تعالى : وما ربك بظلام للعبيد لا أن النفي راجع إلى المبالغة كما لا يخفى ومن هنا يعلم ما في قول بعض المحققين : إن قول الزمخشري في بيان معنى الآية : وما يصح وما إستقام وكان محالا أن يكون مثله في علو أمره وإعجازه مفترى ربما يشعر بأنه على حذف اللام إذ مجرد توسيط كان لا يفيد ذلك والتعبير بالمصدر لا تعلق له بتأكيد معنى النفي من النظر ثم أنهم فيما رأينا لم يعتبروا المصدر هنا إلا نكرة والمشهور إتفاق النحاة على أن أن والفعل المؤول بالمصدر معرفة ولذلك لا يخبر به عن النكرة وكأنه مبني على ما قاله ابن جني في الخاطريات من أنه يكون نكرةوذكر أنه عرضه على أبي علي فإرتضاه وإستشكل بعضهم هذه الآية بأن أن تخلص المضارع للإستقبال كما نص على ذلك النحويون والمشركون إنمازعموا كون القرآن مفترى في الزمان الماضي كما يدل عليه ما يأتي إن شاء الله تعالى فكيف ينبغي كونه مفترى في الزمان المستقيل وأجيبعنه بأن الفعل فيها مستعمل في مطلق الزمان وقد نص على جواز ذلك في الفعل ابن الحاحب وغيره ونقله البدر الدماميني في شرحه لمعنىاللبيب ولعل ذلك من باب المجاز وحينئذ يمكن أن يكون نكتة العدول عن المصدر الصريح مع أنه المستعمل في كلامهم عند عدم ملاحظة أحد الأزمنة نحو أعجبني قيامك أن المجاز أبلغ من الحقيقة وقيل : لعل النكتة في ذلك إستقامة الحمل بدون تأويل للفرق بين المصدر الصريح والمؤول على ما أشار إليه شارح اللباب وغيره ولا يخفى أن فيه مخالفة لما مرت الإشارة إليه من أن أن والفعل في تأويل المصدر وهو فيتأويل المفعول .
قيل : وقد يجاب أيضا عن أصل الإشكال بأنه إنما نفي في الماضي إمكان تعلق الإفتراء به في المستقبل وكونه محلا لذلك فينتفي تعلق الإفتراء به بالفعل من باب أولى وفي ذلك سلوك طريق البرهان فيكون في الكلام مجاز أصلي أو تبعي وقد نص أبو البقاء على جواز كون الخبر محذوفا وأن التقدير وما كان هذا القرآن ممكنا أن يفترى وقال العلامة ابنحجر : إن الآية جواب عن قولهم : ائت بقرآن غير هذا أو بدله وهو طلب للإفتراء في المستقبل وأما الجواب عن زعمهم أنه E إفتراه وحاشاه فسيأتي عند حكاية زعمهم ذلك فلا إشكال على أن عموم تخليص أن المضارع للإستقبال في حيز المنع لم لا يجوز أن يكون ذلك فيما عدا خبر كان المنفية كما يرشد إليه قوله سبحانه : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين فإنه نزل عن إستغفار سبق منهم للمشركين كما قاله أئمة التفسير وقد أطال الكلام على ذلك في ذيل فتاويه فتبصر .
ولكن تصديق الذي بين يديه أي من الكتب الإلهية كالتوراة والإنجيل فالمراد من الموصول الجنس وعني بالتصديق بيان الصدق وهو مطابقةالواقع وإظهاره وإضافته إما لفاعله أو مفعوله وتصديق الكتب له بأن ما فيه من العقائذ الحقة مطابق لما فيها وهي مسلمة عند أهل الكتاب وما عداهم إن إعترف بها وإلا فلا عبرة به