الشيخ محمد رضا الشبيبي
الشيخ محمد رضا الشبيبي
رئيس المجمع العلمي العراقي
بسم الله الرحمن الرحيم
هو ابن الشيخ جواد، ولد في النجف في السادس من شهر رمضان سنة 1306 هـ وبها نشأ وعاش عيشة أبناء العلم وأرباب الفضل وتدرج في دروسه بعد أن فرغ من المباديء وحضر الدروس العالية على المحقق صاحب الكفاية وغيره من أعلام العصر في ذلك العهد، كان متيقضا بنباهة عالية، يحسب للمستقبل حسابه وما يصير إليه أمر البلاد.
ترجمه بعض معاصريه فقال: نشأ وفيه ميل فطري ورغبة غريزية في تلقي العلوم والآداب فدرس العلوم الأولية والأصولية والفقه وسائر الفنون وبرع فيها فكان من رجال الفضل وأبطال الكمال وأقطاب النهضة الأدبية ولشعره الأثر البين في إثارة الهمم وتحريك النفوس وتنبيه العواطف فهو شاعر فحل من مشاهير رجال الأدب وفرسان النظم، سلك في نظمه مسلكا لم يكن مألوفا في بيئته ولا معروفا بين شعراء عصره فهو مؤسس في فن الأدب ومخترع له طريقة جديدة وينظم في جميع الفنون.
وحينما هاجر إلى بغداد تشكلت الحكومة العراقية وصار من رجالها المشاهير لم يفارق بزته ولا غيّر من شكله وعاداته، أما عمته فلها قيمتها الغالية في مجتمعه فهو دكتوراه في الأدب ورئيس المجمع العلمي العراقي وعضو المجمع العلمي المصري وعضو المجمع العلمي السوري ومن الرجال المتضلعين في اللغة ومعاجمها.
من آثاره:
له (تاريخ الفلسفة) من اقدم عصورها والى اليوم وله (أدب النظر في فن المناظرة) و(تذكرة في نعت ما عثر عليه من الكتب والآثار النادرة) و(فلاسفة اليهود في الإسلام) و(المسالة العراقية) و(تاريخ النجف) و(المانوس من لغة القاموس) و(ديوان شعره الجديد) و(دراسة عن ابن الفوطي) وغيرها (1).
له في مجال التقريب تحت عنوان (إلى الدين من جديد) اقتبسنا منه سطورا:
_____________________________
1ـ ماضي النجف وحاضرها 2: 380.
اقتبست غير دولة واحدة من الدول الإسلاميّة نظمها الحديثة للحكم من الدول الغربية، فأصبح نظام الحكم في بعض هذه الدول الشرقية ديمقراطية، وشكله نيابيا، ووضعت في كل بلد قواعد دستورية عامة لا معدي عنها في الحكم ظاهرا، ومع أن هذه الدساتير المتبعة في بعض هذه البلاد الإسلاميّة تنص على أن الإسلام دين الدولة، فإن سياستها العملية سارت على قاعدة فصل الدين عن الدولة، وإقصائه عن المدرسة والمعاهد العلمية، حاذية في ذلك حذو كثير من الشعوب الأوربية وفي مقدمتها فرنسا.
والواقع أن الفرق بعيد، والبون شاسع بين الشرق والغرب من هذه الناحية فلما نودي في فرنسا وفي غير فرنسا بفصل الدين عن الدولة في العصر المعروف عندهم بعصر البعث، أو عصر النهضة، ولما اعتبر القوم في الغرب أن الدين من جملة القضايا الشخصية، أو هو رابطة خاصة تربط الخالق والمخلوق التفّت الشعوب الأوربية حول رموز أخرى يعتزون بها كما يعتزون بالدين، ومن ذلك رمز الوطن، ورمز الجنس، محاولين إحلال العقائد السياسية أو القومية أو الوطنية محل العقائد الدينية، على الأساس بني التعليم في فرنسا، وفي كثير من الدول الأوربية، وهو من جملة الأسس التي بَنت الحضارة المادية الحديثة، فنهضة أوربا نهضة قوامها الصناعة الإلية والعلوم التجريبية، وبذلك ارتفع مستوى الشعوب المشار إليها من حيث المعيشة، وبذلك أيضاً تم للغربيين السيطرة على العالم، أو استغلال الشعوب الشرقية الضعيفة.
من ذلك يتضح أن عبارة الدولة والوطن حلت محل الدين في بعض الدول الغربية فأردنا أن نقلد الغربيين في ذلك وحاولنا فصل الدين عن الدولة وقاومنا التربية الروحية. ولكن لم نجد إلى الآن ما يحل محل الدين أو يغني غناء التهذيب الروحي أو يقوم مقامه.
لاشك أن العقيدة الإسلاميّة منيت بالمروق والعقوق من قبل كثير من أبنائها، وقد كثر سواد المفتونين والمقلدين من أبنائنا، وزاغوا عن الإسلام، بيد أن هؤلاء المقلدين والمفتونين لا يلبثون بعد ما مرّ بنا من العبر في الزمن الأخير أن يرجعوا إلى حظيرة الدين نادمين إلى الله.
والخلاصة انه سيبقى الإسلام عاملا فعالا في حياة البشر يعمل على جعلها مثل أعلى في السمو والشرف والكمال وصلى الله على سيدنا محمد المرسل بهذه الشريعة الغراء صلاة نامية في شهر مولده وفي كل شهر وعام. (1)
___________________________
1 ـ رسالة الإسلام 1: 45، و: 21 و6: 61: 128، و7: 24.