ـ(88)ـ
الوصول إليهم إلاّ من طريق أتباعهم لأمكن أن يبالغوا في إضفاء المناقبية عليهم كما هو الشأن في بعض أئمة الإسماعيلية والباطنية، فكيف وهم مصرحون بعقائدهم ومبادئهم وسلوكهم أمام الرأي العام وبمرأى من السلطة ومسمعها، وما لنا نطيل ونحن نعلم أن دعوى استيعاب المعرفة لا يمكن أن يثبت عليها إنسان متعارف مهما كان له من العلم والسن ؛ لأن مجالاتها أوسع من أن يحيط بها عمرنا الطبيعي والامتحان كفيل بإحباط كلّ دعوى من هذا القبيل، ومثلها دعوى العصمة بل اشد منها لتحكم كثير من العوامل اللاشعورية ـ وهي غير منطقية ـ في سلوك الإنسان.
وهاتان الدعويان كانتا شعارا لأهل البيت وشيعتهم منذ عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم نسمع بتسجيل حادثة واحدة تتعارض مع طبيعة ما ادعياه فيهما.
وما أكثر ما حفل التاريخ بتعريض هؤلاء الأئمة كباراً وصغاراً لأشق أنواع الامتحان من قبل السلطة وأقطاب مخالفيهم من العلماء وبخاصة مع الإمام الجواد مستغلين صغر سنة.
وما رأيك بأمثال يحيى بن أكثم ـ ومن هو من أكابر علماء عصره ـ عندما يأمره الخليفة بأعداد أعقد المسائل وأخفاها ثم يتعرض بها لطفل لا يتجاوز عمره العشر فهل ينتظر أن يخرج الطفل معافى من هذا الامتحان؟ ! اقرأ بعض هذه المحاورات في الصواعق المحرقة لابن حجر وغيرها وانظر تصاغر السائل فيها أمام هذا الطفل الصغير والتماس تفسيرها الطبيعي.
قال أحدهم: أنظن أن هذا غير طبيعي ! وعيسى بن مريم كان أصغر منه عندما بعث نبياً والقرآن صريح في ذلك.
قلت: يا سيدي وهذا ما تقول به الشيعة، ولكن بعثة عيسى وهو بهذه السن