ـ(86)ـ
كما لا تبخل في إرسال كلمة معروف في مشورة أو سلوك.
وكانت السلطة تعلم منهم ذلك وتحسب له حسابه وربما حسبت له أكثر من حسابه فاتخذت له الحيطة الكاملة وكثيرا ما تستبد بها الأوهام والظنون فتوسع في مخيلاتها إلى أن هذا البيت ما يزال يعد عدته للعمل على الاستيلاء على السلطة والنهوض بالحكم وهم يعلمون أن الحكم حق من حقوقه المفروضة.
وكان من وسائل الحيطة التي اتخذتها السلطات على اختلافها محاربة شيعتهم واتباعهم، وضرب نطاق الحصار الاقتصادي عليهم، ومنع وصول الحقوق والأموال إليهم جهد ما يستطيعون، وجعل العيون والرقباء لإحصاء حتّى عدد أنفاسهم. وربما توسعوا فحملوا أئمة أهل البيت إلى عواصمهم ليكونوا تحت الرقابة المباشرة وقد يدخلونهم السجن ليحولوا بينهم وبين ما يتخيلونه من نشاط وقد أنهت حياة أكثرهم بالاغتيال والقتل.
وبالبداهة أن فكرة العصمة والاعلمية كانتا من أهم الركائز لفكرة التشيع منذ وجد التشيع لأهل البيت وكان أهل البيت أنفسهم يصرحون بذلك.
ومن الطبيعي أن يبعث هذا النوع من التصريح الحزم واليقظة في مدوني التاريخ لتسليط الأضواء على كلّ ما يتصل بحياتهم الخاصة أو العامة للعثور على شيء من التناقضات بين واقعهم وما يدعون لتكون لهم وثيقة بيد السلطة للإجهاز بها على جبهة المعارضة والقضاء عليها بسهولة.
وما أيسر الاختلاف لو كان هناك مجال لتزيد واختلاق.
ولكن التاريخ ـ وهو ملك أيديكم فعلا وبوسعكم تتبع أحداثه ـ لم يحتفل ـ فيما قرأت منه ـ بتسجيل حادثة واحدة على أحد من أئمة أهل البيت "الاثني عشر" تتنافى مع دعوى العصمة أو علمية.
وهناك شيء ـ وددت التنبيه عليه ـ وقد سبق أن نبهت عليه في مبحث