ـ(83)ـ
والأمان لأهل الأرض من الاختلاف رابعة، ويختصهم بالتطهير من الرجس ولا يكتفي دون أن يؤكد ذلك بمختلف صور التأكيد ويتخذ شتى المحاولات لإبعاد كلّ من يحتمل في حقه شبهة المشاركة حتّى يبلغ به الحال أن يبعد زوجته أم سلمة ـ وهي من هي في مقامها من الإيمان والتقوى ـ عن المشاركة في الدخول تحت الكساء الذي طرحه عليهم وهو يتلو [إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً] ثم لا يكتفي أيضاً دون أن يقف في كلّ يوم على باب علي وفاطمة في أوقات الصلوات ليرفع صوته بتلاوته لهذه الآية وقد أحصيت عليه تسعة أشهر وهو يكررها دون انقطاع.
إلى عشرات بل مئات من أمثال هذه الأحاديث التي ينهي بعضها عن مخالفتهم ويحذر من عدائهم وبغضهم ويلزم باتباعهم واخذ العلم عنهم "فلا تقدموهم فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم"(1).
والصور العقلية التي تصورتها في مجالات التفسير ثلاثة نعرضها لنختار أمثلها وأكثرها اتساقا مع ما اتفقنا عليه من إثبات العصمة للنبي بالمفهوم الذي حررناه في بداية الحديث.
أولاها: الأجمال في كلامه وعدم إعطائه أية دلالة تشريعية وهذا ما تأباه صراحة النصوص بلزوم اتباعهم والتمسك بهم، والتعلم منهم، واثبات العصمة لهم وقد مرت نماذج منها قبل قليل وهي ليست موضعا لنقاش.
الثانية: أن نسلم الدلالة التشريعية إلاّ إننا لا نسلم صدورها عن الله عزّوجلّ بل نعتبرها صادرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) لا سباب عاطفية محضة اقتضتها علقته القريبة
______________________
1 ـ مضامين لأحاديث حفلت بها كتب الحديث الشيعية والسنية إقراها وعشرات من أمثالها في كتاب(دلائل الصدق ج 2 لآية الله الشيخ محمّد حسن المظفر والمراجعات لآية الله شرف الدين والأصول العامة للفقه المقارن ـ للكاتب ـ.