ـ(79)ـ
قال أحدهم وما نصنع بحديث(وسنتي) لو أخذنا بحديث الثقلين ولماذا تقدم حديث الثقلين عليه وهو معارض له؟!
قلت: إنّما نقدم حديث الثقلين لأنه حديث متواتر ولا أقل من شهرته وصحة طرقه وعناية الصحاح والمسانيد به بينما لم يرو حديث وسنتي إلاّ أفراد محدودون ورواياتهم لم تخضع لشرائط الاعتبار لوقوع الإرسال فيها.
وعلى فرض صحتها فأين موقع المعارضة بين الحديثين وليس لها منشأ إلاّ توهم التدافع بين مفهوميهما وهما لا يخرجان على كونهما من مفهومي العدد واللقب وكلاهما ليسا بحجة في دفع الزائد فأي محذور في أن يخلف الكتاب والسنة والعترة وهو ما يقتضيه الجمع العرفي بينهما.
على أن أحدهما يرجع إلى الآخر لما سبق أن قلنا من أن أهل البيت لا يأتون بغير السنة لأنهم ورثتها والمسؤولون عن تبليغها وكلام أئمة أهل البيت (عليه السلام) صريح في ذلك وما أكثر ما تردد مضمون هذا الكلام على السنة قائلهم "حديثي هو حديث أبي وحديث أبي هو حديث جدي رسول الله فحديثنا واحد".
ورواية السنة لا يمكن الأخذ بها على ظاهرها لامتناع جعل مصدر تشريعي تسأل الأمة على اختلاف عصورها عن العمل به وهو لم يدون ولم ينسق على عهده ولا العهود القريبة منه لما في ذلك من التفريط بالرسالة وتعجيز المكلفين عن أداء وظائفها كما سبق شرحه.
فالظاهر أن الحديثين يعضد بعضهما بعضا ويؤديان ـ بعد الجمع بينهما ـ وظيفة واحدة مرجعها إلزام المسلمين بالرجوع إلى السنة المودعة لدى أهل البيت وعدم جواز إغفالهم لها.
قال أحدهم: ومعنى ذلك أنكم لا تأخذون بغير روايات أهل البيت وتلقون بأحاديث أهل السنة ولا تعتمدونها.