ـ(75)ـ
تذكره؟
قلت: الصور المتصورة في المسألة أربعة نعرضها ونختار أكثرها ملائمة للواقع العقلي والتاريخي.
الأولى: أن نسقط السنة عن الحجية ونكتفي بالكتاب وفي هذا محق للإسلام من أساسه وأظن أن إخواني العلماء يؤمنون معي أن الكتاب وحده لا ينهض ببيان حكم واحد بجميع ماله من خصوصيات فضلاً عن استيعاب جميع الأحكام بكل ما لها من أجزاء وشرائط.
الثانية: أن نحمل النبي (صلى الله عليه وآله) وحاشاه ـ مسؤولية التفريط برسالته بتعريضها للضياع عند ما لم يدونها أو يأمر الصحابة بالتدوين والتنسيق.
الثالثة: أن نحاشي النبي (صلى الله عليه وآله) عن تعمد التفريط ونرميه بعدم العلم وحاشاه ـ بما ينتج عن إهماله التدوين من مفارقات أيسرها ضياع كثير من الأحكام الشرعية نتيجة موت قسم من الصحابة حملة السنة أو نسيانهم أو غفلتهم ـ وهم غير معصومين بالاتفاق ـ وهكذا، هذا بالإضافة إلى ما يسببه الفحص عن الأحكام قبل المحتاجين إليها من المكلفين من عسر وحرج بسبب تشتت الصحابة وتشتت رواتهم بعد ذلك أن لم يكن متعذراً أحياناً.
الرابعة: أن نفترض له جمعها وتنسيقها وإيداعها عند شخص مسؤول عنها عالم بجميع خصائصها ليسلمها إلى من يحتاج إليها من المسلمين ثم يورثها من بعده لمن يقوى على القيام بها من بعده كما ورثها هو، حتّى تستوعب من قبل المسلمين تدويناً ويسهل الاعتماد عليها من قبلهم ولو بالطرق الاجتهادية.
فإذا اعتبرنا السنة ـ بحكم الضرورة ـ من مصادر التشريع ونزهنا النبي (صلى الله عليه وآله) عن الجهل والتفريط برسالته تعين الأخذ بالفرض الرابع.
ومن هنا نعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان مسوقاً بدوافع