ـ(74)ـ
قلت: هب أنّه وجد عاماً عند أحد الصحابة واحتمل أن يكون له مخصص عند غيره أو وجد حكماً واحتمل نسخه أو مطلقا واحتمل تقييده فماذا يصنع إذ ذاك؟
قال: عليه الفحص من قبل بقية الصحابة.
قتل: كيف؟ والصحابة مشتتون أيظل هذا السائل ـ وافترضه ممن دخل الإسلام جديداً ـ يبحث عنهم حتّى يتسوعبهم فحصاً وفيهم من هو في الحدود يحمى الثغور، وفيهم الحكام والولاة في البلاد المفتوحة بعيداً عن الحجاز، وفيهم المشتتون في قرى الحجاز وأريافها وربما أنهى عمره قبل أن يصل إلى ما يريد؟ !
وبعد عصر الصحابة ماذا يصنع الناس؟
قال: يرجعون إلى من أخذ عن الصحابة من التابعين!
قلت: إذا امتنع استيعاب الفحص عن الصحابة مع قلتهم نسبياً فهل يمكن ذلك بالسنبة إلى من أخذ عنهم وهم أضعاف مضاعفة وكثير منهم مجهول، وإذا جاز ذلك في عصر التابعين فهل يجوز في العصور المتأخرة عنهم؟ وكيف؟
إلاّ ترى معي ـ يا سيدي ـ أنّه ليس من الطبيعي أن يفرض على الأمة ـ أية أمة ـ مصدر تشريعي يلزمون بالأخذ به وهو غير مجموع ومدون ومحدد المفاهيم ليمكن أن تقوم الحجة به عليهم.
ثم هل يمكن لأية دولة متحضرة أن تعتبر تصرفات أحد حكامها قولاً وفعلاً وتقريراً في مدى حياته قانوناً يجب الرجوع إليه إلى جنب أحد قوانينها المدونة مع أن هذه الأقوال والأفعال والتقريرات لا تقع إلاّ أمام أفراد محدودين وغير معروفين تفصيلا، ولا الأحاديث التي جرت أمامهم معروفة وهم لم يجمعوها بدورهم ولم ينسقوها كان يضعوا إلى جنب العمومات قرائن التخصيص مثلا وهكذا..؟!
قال: وكيف نلائم أذن بين اعتقادنا بلزوم الرجوع إليها وبين الواقع الذي