ـ(73)ـ
وتعذر القوت عليهم لجهد العيش بالحجاز وأنه (عليه السلام) كان يفتي بالفتيا ويحكم بالحكم بحضرة من حضر من أصحابه فقط وأن الحجة قامت على سائر من لم يحضره عليه بنقل من حضره وهم واحد أو أثنان(1) ويقول أيضاً: "وبالضرورة نعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن إذا أفتى بالفتيا أو إذا حكم بالحكم يجمع لذلك جميع من بالمدينة، هذا مالا شك فيه لكنه (عليه السلام) كان يقتصر على من بحضرته ويرى أن الحجة بمن يحضره قائمة على من غاب وهذا ما لا يقدر على دفعه ذو حس سليم"(2).
ثم قلت: وإذا كان حساب السنة هو هذا سواء من حيث الاعتماد على القرائن المنفصلة أو من حيث أسلوب تبليغها، وهي لم تدون على عهده أو عهود الخلفاء من بعده فهل يمكن اعتبارها مصدراً تشريعياً يجب الرجوع إليه؟
قال أحدهم ـ ولم، ألم يجعلها القرآن من مصادر التشريع؟ كما قال تعالى: [وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا] [وما ينطق عن الهوى] الآية.
قلت: لا أشك في ذلك، ومن ينكر حجتها فهو ليس بمسلم لإنكاره أهم الضروريات الإسلاميّة ولكن اسئلك ماذا يصنع من يحتاج إلى معرفة حكم لم يجده في كتاب الله؟.
قال يرجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) لاستفساره عنه.
قلت وبعد وفاته.
قال: يرجع إلى صحابته.
______________________
1 ـ تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلاميّة لمصطفى عبد الرزاق ص 132 نقلا عن الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم ص 114.
2 ـ المصدر السابق.