ـ(72)ـ
عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعقيدة المسلمين جميعاً أن ما بين الدفتين هو الكتاب المنزل قرانا لم يزد ولم ينقص فيه فجعله مصدراً تشريعياً يرجع إليه في كلّ زمان ومكان أمر طبيعي جداً ولكن ماذا يراد بالسنة؟
قال: السنة هي قول النبي وفعله وتقريره.
قلت: وهذا ما تعتقده الشيعة أيضاً ولكن هل أستطيع أن أسألك عن أسلوبه (صلى الله عليه وآله) في التبليغ كيف كان، وهل كان يعتمد القرائن المنفصلة كاستعمال المخصصات والمقيدات لعموماته ومطلقاته والناسخ لبعض ما انتهى أمد مصلحته من أحكامه.
قال: طبعاً وما أكثر ما يأتي العام في الشريعة ثم يأتي بعد ذلك مخصصه ويأتي المطلق ثم يقيد بعد ذلك وهكذا.
قلت: وهذا ما نعتقده أيضاً وهي الطريقة التي يعتمدها الناس في أساليب تفاهمهم ولو كانت له طريقة خاصة تخالف ما ألفوه لو صلت إلينا عادة وطريقته في التبليغ كيف كانت؟ أكان يجمع الناس جميعاً عندما يريد أن يقول أو يفعل أو يقر أمراً يتصل بشؤون التشريع؟ وهل من الممكن له ذلك؟ وإذا أمكن أن نتصوره عندما يريد أن يبلغ من طريق القول فهل يمكننا تصوره عند الفعل أو الإقرار؟ أي إذا أراد أن يفعل شيئاً أو يقر جمع الناس كلهم ففعل ما يريد فعله أو اقر ما يريد إقراره أمام الجميع ستقول بالطبع: لا وإنّما كان يبلغ على الطرق المتعارفة كان يصدر الحكم أمام فرد أو فردين وهؤلاء يكونون الواسطة في التبليغ وعلى من لم يحضر أن يفحص عما يجد من الأحكام، وهنا ذكرت مضمون كلام لابن حزم أوثر الآن أن انقله هنا بنصه لقيمته يقول ابن حزم وهو يتناول هذه الناحية من التشريع "ولاخلاف بين كلّ ذي علم بشيء من أخبار الدنيا مؤمنهم وكافر هم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بالمدينة وأصحابه رضي الله عنهم مشاغيل في المعاش