ـ(71)ـ
قلت ـ واسمحوا لي أن أستطرد قليلاً بهذا السؤال ـ وهل كان يفرق الرأي العام في صدر الإسلام بين نوعين من السهو والكذب مثلاً أحدهما يقع في غير مجالات التشريع فيسوغونه والآخر في مجالاته فيحظرونه عليه وهل كان حكم العقل لديهم واضحاً في التفرقة إلى هذه الدرجة؟!
قال أحدهم: وماذا تريد بهذا الكلام؟!
قلت: أريد أن اكتشف من اطمئنانهم ـ وهو ما كان واقعاً فعلا ـ إلى جميع ما يبلغه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انسجام واقعه السلوكي في مختلف مجالاته ـ تشريعية وغير تشريعية ـ فهو لا يكذب ولا يسهو ولا يغفل ولا ينسى في جميع المجالات و إلاّ لما أمكن اطمئنانهم إليه في مقام التشريع وهم يرونه عرضة لجميع هذه المفارقات في غير مقامه فالاطمئنان ـ وهو حالة نفسية ـ لا يمكن أن يفرق بين نوعين من الأحداث المتشابهة فينبعث عن أحدهما ولا ينبعث عن الآخر وكذلك العلم واليقين، فإيمان الشيعة بتعميم مفهوم العصمة إلى مختلف المجالات هو الذي ينسجم مع الواقع النفسي لنوع الناس، وعلى هذا الواقع يبتني حكم العقل بلزوم العصمة لأن الغرض منها تحصيل اليقين بكل ما يأتي به ولا يحصل اليقين من شخص يراه مجتمعه عرضة للوقوع في أمثال تلكم المفارقات على أن إثبات تلك كما قلنا ليس له تلك الأهمية بالنسبة إلينا فعلا وحسبنا أن نتفق على هذا الجزء من العصمة ـ اعني امتناع صدور الكذب والسهو والغفلة وغيرها من منافيات العصمة عليه في مقام التشريع ـ فهو يكفينا في مجال التمهيد للجواب عن عصمة أهل البيت.
وسؤال آخر ما هي مصادر التشريع التي تؤمنون بها؟ قال: كثيرة وأهمها الكتاب والسنة.
قلت: أما الكتاب فهو ليس موضعاً لحديث لأنه جمع ودون وحفظ على