ـ(70)ـ
واحدة مهما طال أمدها لكثرة ما ساقوه عليها من الأدلة التي استغرق بحثها لدى بعض المؤلفين مئات الصفحات وكتب فيها عشرات المؤلفات ولكن نأخذ منها ما يتسع له الوقت أخذاً بقاعدة الميسور، ولكم جميعاً حرية المناقشة فيما نعرضه من أدلة، وأظن أن صدورنا جميعاً مما تتسع لها، للموضوعية التي أعهدها في إخواني العلماء.
وإذا سمحت ـ يا سيدي السائل ـ وجهت إليك ببعض الأسئلة تمهيدا للجواب ـ عسى أن نتفق على الأوليات ـ ماذا تريد من كلمة العصمة التي اثبتها للنبي (صلى الله عليه وآله) واستكثرتها على أهل البيت (عليه السلام) كما تنطوي عليه صيغة سؤالك؟
قال: أريد بالعصمة استحالة صدور الخطأ أو السهو أو النسيان أو الكذب أو أي ذنب عليه ما دام في مقام التبليغ.
قلت: طبعاً تريد بالاستحالة هنا الاستحالة العادية لا العقلية.
قال: طبعاً.
قلت: ولكن الشيعة يا سيدي ـ أو جل علمائهم على الأقل ـ يوسعون في مفهومها إلى غير مقام التشريع وربما أوضحنا وجهة نظرهم في ثنايا الحديث ولا يهم الفصل فعلا في هذه التوسعة إذ يكفينا لسد حاجتنا الفعلية أن نؤمن بها في خصوص مقام التبليغ.
ولكن هل تسمح لي بسؤال آخر: ما هي الضرورة التي تدعو إلى الإيمان بعصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى بهذا المقدار؟
قال: الإيمان بالعصمة هو الذي يولد اليقين بكون ما يأتي به إنّما هو من عند الله عزّوجلّ ومع تجويز الكذب والسهو والنسيان والغفلة عليه لا يبقى موضع ليقين في حكاية ما يبلغه عن الواقع ومع دخول التشكيك يسقط اعتبار النبوة من الأساس.