ـ(63)ـ
في قضائه وتحرره مما يفرض عليه في عقد توليته كان سبباً أساسياً في زعزعة الثقة بشرعية الدولة التي لا يتوفر فيمن يتولى الولاية العامة فيها شروط الإمامة، كما أن هذا الاتجاه جعل من إتباع مذهب بعينه إلزام مقلديه بالتقاضي لدى فقهاء مذهبهم وقد بقي الفقه يؤكد عنصر الاستقلال في الاجتهاد محاولاً مقاومة السياسة الرامية إلى تكريس تقليد مذاهب دون غيره في العمل القضائي، وفي هذا يقول الماوردي: إنّ شرط الامام المولى على المولى في عقد التقليد شرطاً عاماً بتقليد مذهب بعينه دون غيره "كان هذا الشرط باطلاً سواء كان موافقاً لمذاهب المولى أو مخالفاً لأنه قد منعه من الاجتهاد فيما يجب فيه الاجتهاد"(1).
2 ـ حيث كان للقضاء دوره في حماية العدالة الإسلاميّة وصيانة حقوق الإنسان وإلزام الدولة بحكم الشرع فقد كانت ولاية القضاء شاملة للكافة ابتداء من الخليفة إلى الأفراد العاديين، ونظراً للمثل العليا المنوطة بالقاضي فقد سجل المؤرخون سلوكية القضاة الشخصية والمهنية وأشادوا بعدالة من كان صلب العود في الحق، أ، تقدير القضاء الإسلامي يثير قضية استقلاله والضمانات المتكفلة بذلك الاستقلال وقد وجدنا أن ولاية القضاء كانت جزءاً من الولاية العامة فكان لولي الأمر من خليفة أو سلطان أن يقلد القضاة ويعزلهم وان يقيد عملهم بما يراه من القيود الزمانية والمكانية، ومن حيث الموضوع، ومع ذلك فإن مبدأ اجتهاد القاضي كان أكبر ضمانة تتكفل باستقلاله فقد كان للقاضي أن يجتهد ولا يتبع مذهب من قلده ولم يعز الفقهاء أهمية لاشتراط تقليد مذهب بعينه، وحين خضعت بعض الأقاليم الإسلاميّة لدول غير مسلمة بعد غزوات المغول شرط الفقه على من يتولى القضاء أن يشترط على مقلده القضاء عدم التدخل في عمله القضائي كما كان بعض القضاة يشترطون على من يقلدهم العمل أن يطلق لهم حرية القضاء على حاشية الأمير وبطانته فكان ذلك يضمن لهم تحقيق مبدأ المساواة ومن معرفتنا لشروط