ـ(62)ـ
في ضوء منهج يحقق المساواة بين الجميع وقد كفلت سلامة هذه الإجراءات مبادئ مهمة تقرها الشريعة الإسلاميّة، في مقدمتها مبادئ استقلال القضاء ومجانيته، وحياد القاضي، وعلنية الجلسات، ودرء الحدود بالشبهات، وعدم اعتبار الإقرار المأخوذ بالإكراه.
2 ـ شدد الإسلام على الإثبات في الميدان الجنائي فجعل نصاب الإثبات في الزنا مثلاً أربعة من الشهود يشهدون بمعاينة تنفيذ الجريمة وجعل الشبهة ذات دور فعال لصالح المتهم، فإذا رجع الشاهد عن شهادته مثلاً كان ذلك دليل البراءة من الجريمة فقد روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله) "ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام إنّ يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة"(1).
3 ـ إنّ المبدأ العام المتبع في تسيير دفة الإجراءات ينتهج فكرة العدالة التي تعتبر مقياساً لتحقيق نظرية التوازن الإسلامي في الفكر والنظام والآداب استناداً إلى الآية الكريمة "إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان"(2).

بعض النتائج:
1 ـ إنّ من ملامح التقريب في القضاء الإسلامي هو العمل بقاعدة عدم إلزام القضاة بالسير على مذهب معين فقد كانت قاعدة عامة على مرّ العصور، وهذه القاعدة وأن كانت تحتاج في توثيقها إلى مصاديق نظراً لأن فترة استقلال القضاء الإسلامي مرت بمرحلتين:
الأولى: مرحلة الاجتهاد المطلق.
الثانية: مرحلة الالتزام بمذهب معين دون غيره يتوسطهما مرحلة متوسطة بين الاستقلال وبين الإتباع، ولكن صياغة بعض الفقهاء لقواعد استقلال القاضي