ـ(42)ـ
الكثير من نقاط الضعف وينفذون إلى مخططاتهم من خلال العديد من الثغرات، ويستخدمون من الأدوات ما يتيسر لهم، وقد تختلف هذه الأدوات من زمان إلى زمان ومن مكان إلى آخر، وقد تصبغ الأدوات أحياناً بصبغة دينية، وأخرى بصبغة اقتصادية، وربما استخدمت وسائل محلية تخفى على الكثيرين ولايدرك حقيقتها إلاّ ذوو البصائر.
وأشد الأدوات فتكاً تلك التي تعمل بوحي الأعداء دون أن تدري، بل ربما تصورت نفسها تخدم الدين وتحرص على مصالح المسلمين.

دور الخلافات الفكرية والمذهبية:
هناك رؤية مفادها أن الخلافات الفكرية والمذهبية على مستوى المعتقد وعلى مستوى المنهج الفقهي والأصولي تشكل عاملاً أساسياً من عوامل التشتت والافتراق، وسداً منيعاً أمام كلّ مساعي الوحدة والتقارب بين المذاهب الإسلاميّة، ولأجل هذا كرس أصحاب هذه الرؤية كلّ جهودهم في مجال معالجة هذه الخلافات فراحوا يبحثون تارة عن نقاط الالتقاء وأخرى عن الطرق التي ربما توصل إلى تقريب وجهات النظر في مسائل الخلاف ولعل البعض قد حقق نجاحاً ملموساً في هذا المضمار إلاّ أنّه بقي محصوراً في حدود دائرة ضيقة، ولم تحل المشكل جذرياً.
والحقيقة أن الاختلافات الفكرية لا تشكل عاملاً من عوامل الافتراق بقدر ما هي أداة تستخدم في إثارة النزاعات، وقد استخدمت بالفعل وجعلت أساساً لذلك.
إنّ الخلافات الفكرية بمنزلة اختلاف اللغة واختلاف القومية وأمثال ذلك، ليست في واقاعها من عوامل الافتراق والنزاع، ولكنها تستغل من قبل دعاة التفرقة والتجزئة وتشكل أرضية خصبة لنشاطهم.