ـ(27)ـ
المجتمع والمكلف معا ومصلحة المجتمع فيها اظهر، فحق الله فيها الغالب و حكمها حكم ما هو حق خالص لله، وأن كانت مصلحة المكلف فيها اظهر فحق المكلف فيها الغالب، وحكمها كحم ما هو خالص للمكلف(1).
وما تنبغي الإشارة إليه، أنّه يجب على الإنسان صاحب الحق أن يراعي مصالح المجتمع وهو يباشر حقا مشروعاً أثبتته له الشريعة، ومن هنا كانت الفضائل الأخلاقية الاجتماعية عنصراً مهما في تقييد استعمال الحقوق. وهذا له انعكاساته الإيجابية على الحياة الاجتماعية والحياة الاقتصادية وحتى على الحياة السياسية. وإذا لا حظنا أن الدولة لها حق الولاية العامة، فإن هذا الحق يمنحها سلطة التدخل لحماية الفضيلة باسم الشرع، لتحد من سلطان الحق بطريقة يترتب عليها الهدف من إثبات الحق.
وهذا التدخل من الدولة إنّما يكون لحماية مصالح الأفراد وحماية المصالح العامة، وهذا التدخل أيضاً لا يجوز أن يترتب عليه إلحاق ضرر بالأفراد، أو إهدار حق من حقوقهم، فلا ينبغي رفع الضرر بإيقاع ضرر، أو رفع الظلم بإيقاع الظلم فلا بد من وجود تعويض عادل حين دفع الضرر العام بالضرر الخاص.
ومن زاوية أخرى، نجد أ، الشريعة الإسلاميّة عندما تثبت حقا للإنسان، يكون للإنسان في ذلك الحق مصلحة تعترف الشريعة بها، وفي اللحظة التي تكون للفرد مصلحة معينة في تصرف معين، ولم تعترف الشريعة بهذه المصلحة للفرد، فتكون المصلحة ملغاة في هذه الحالة، وهنا لا حق يباشره الإنسان لتحقيق تلك المصلحة والمصالح التي يباشرها الفرد أو يقصد تحقيقها كثيرة، فمثلا له مصلحة في التعليم، وله مصلحة في التملك، وله مصلحة في الادخار، وله مصلحة في
______________________
1 ـ عبد الوهاب خلاف: أصول الفقه، ص 211.