ـ(28)ـ
الزواج، وله مصلحة في الطلاق، وله مصلحة في أن يرتشي وله مصلحة في أن يتعامل بالربا، وله مصلحة في الغش فاعترفت الشريعة بمصالح للإنسان، كحقه في الطلاق، وحقه في الحياة، وحقه في التعليم، ولم تعترف له بمصلحته في الرشوة، ولم تعترف له بمصلحته بالتعامل بالربا، ولم تعترف للمحتكر بمصلحته وهو يحتكر، ولم تعترف للغاش بمصلحته وهو يغش، فالمصلحة المعترف بها في الشريعة يترتب عليها حق للفرد أو للمجتمع، فيكون حقا شرعيا، وعندما تعترف الشريعة بالمصلحة، يكون لصاحبها حق وسلطة في استعماله.
ونلاحظ أن الشريعة الإسلاميّة عندما تتحدث عن الحقوق تقرنها بطبيعتها الاجتماعية، أي بما يترتب عليها من آثار اجتماعية. فالحق لا وجود له إلاّ بالاعتراف الشرعي بذلك الحق، قال تعالى: [والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم](سورة التوبة: 34).
فهذا الإنسان يستعمل حقه، وهو الادخار، ولكنه استعمل هذا الحق بطريقة منافية للفضيلة ومنافية للمصلحة الاجتماعية، ولهذا كان في نظر الإسلام آثماً ولأنه استعمل حقه في الادخار بطريقة مضرة بالمصلحة الاجتماعية، فصاحب الحق عند ما يريد أن يستبد بحقه بطريقة منافية للفضيلة فإنه بذلك يتحدى مشاعر المجتمع.
فالحق عندما أثبتته الشريعة للإنسان إنّما أثبتته لهدف اجتماعي، ولا يجوز للفرد أن يتجاهل الدور الاجتماعي لذلك الحق.
ومن هنا، فأننا نؤكد أن الشريعة الإسلاميّة عندما شرعت الحقوق طالبت الناس أن يستعملوها بطريقة منظمة، ولو كان كلّ فرد استعمل حقه بالطريقة المشروعة، فسوف لا يحدث أي اصطدام بين حق وحق، أو بين فرد وفرد، أو بين مصلحة ومصلحة، كالكواكب في السماء، فإنها تسير وفق نظام محكم فالناس عندما يمارسون حقوقهم المشروعة بالكيفية المشروعة، عندئذٍ يجدون أنفسهم